مر معنا أن العبد له رجعة واحدة، فما هو التفصيل في المسألة، أثابكم الله؟
الجواب
تقدمت هذه المسألة وذكرنا خلاف العلماء رحمهم الله في: هل للعبد أن يطلق ثلاث تطليقات أو طلقتين؟ وهذا مما يسمى بتعارض العموم مع القياس، وهي مسألة أصولية تكلم عليها العلماء وأشرنا إليها.
العموم في قوله تعالى:{الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}[البقرة:٢٢٩] إلى أن قال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}[البقرة:٢٣٠] وهذا عام شامل للحر والعبد.
وأما القياس: فإن الله عز وجل جعل الحد في الإماء والرقيق على النصف من حد الحر: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}[النساء:٢٥] فجعل الحد على التشطير.
فجمهور العلماء رحمهم الله يرون القياس في هذا، وفيه أقضية عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي تقوي هذا القياس على قول من يقول: إن قول الصاحب حجة، وهذا قول جمهور الصحابة رضوان الله عليهم، حتى قيل: إنه لا مخالف في أن العبد يملك طلقتين ولا يملك ثلاثاً.
ومن تمسك بالقول بالثلاث فقوله له وجه، ومن تمسك باثنتين فقوله له وجه؛ لأنه ليس هناك طلقة ونصف، فالطلاق لا يشطر، فتمت له طلقتان؛ لأنه لا يصح أن يقال: له نصف الطلاق طلقة ونصف، ولا يصح أن يقال: له طلقة؛ لأن الطلقة ليست بنصف إنما هي ثلث، ولو قيل: طلقة ونصف، فالطلاق لا يتشطر بالإجماع من حيث الأصل العام، ولذلك لو قال لامرأته: طلقتك نصف طلقة، طلقتك ربع طلقة، أنت طالق ثمن طلقة؛ فإنها تطلق طلقة كاملة، وهذا قول جماهير العلماء رحمهم الله وأئمة السلف والخلف رحمهم الله برحمته الواسعة.