حجر إسماعيل فيه وجهان للعلماء رحمهم الله في الطواف: جمهور أهل العلم على أن الطواف لا يصح إلا إذا استوعب البيت كاملاً، ولم يدخل بين البيت والحجر، وقال الحنفية: يصح الطواف إذا دخل بين الحجر وبين البيت، واستدل الجمهور بقوله تعالى:{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحج:٢٩]، فوصف الله جل جلاله البيت بكونه عتيقاً، والعتيق فيه أقوال؛ فقيل: لأن الله عتقه من الجبابرة، فما قصده جبارٌ إلا قصمه الله وأخذه أخذ عزيز مقتدر؛ ولذلك سميت مكة (بكة)؛ لأنها تبك أعناق الجبابرة كما فعل الله بـ أبرهة، وقال بعض العلماء -وهو الصحيح-: إن البيت العتيق المراد به القديم؛ لأنه هو الذي بناه إبراهيم على القواعد التي بينها الله سبحانه وتعالى له، وبنى البيت عليها، ثم تقاصرت النفقة عن قريش -كما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها- فتركت من البيت أذرعاً وهي الحجر، وهل جزءٌ من الحجر في البيت أو لا؟ وجهان مشهوران عند العلماء رحمهم الله، لكن من حيث الصحة لا يصح الطواف إلا إذا طاف من وراء الحجر؛ لأن الذراعين والثلاثة وقيل: إلى ذراع من البيت، فإذا دخل بين الحجر وبين البيت وقيل: ذراع، فيمكن أن يستوعب، لكن الأشبه: ذراعان إلى ثلاثة، والقول في ذلك مشهور وفيه رواية في صحيح مسلم.
وعلى هذا لا بد وأن يستوعب البيت بالطواف، ومن دخل في طواف ركن كطواف الإفاضة وطاف فيما بين البيت والحِجر، ولم يكن يتأول قول من قال من السلف رحمهم الله بصحة الطواف على هذا الوجه؛ فإنه يلزمه أن يعيد طواف الركن، وعليه أن يعيد طواف العمرة أيضاً، ولا يزال متلبساً بعمرته لطواف الركن إذا لم يؤده كما تقدم في كتاب المناسك، والله تعالى أعلم.