قال المصنف رحمه الله تعالى:[مسنون كل وقت إلا لصائم بعد الزوال].
هذه الجملة مراد المصنف بها أن يبين حكم السواك فقال رحمه الله:(مسنون) ومراده بذلك: أنه ليس بواجب ولا بلازم.
وقال بعض العلماء -كما تقدم في المجلس الماضي-: إن السواك واجب, ولكن هذا القول يعتبر مرجوحاً؛ وذلك لمعارضته للسنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة).
فهذا الحديث يدل على أن السواك ليس بواجب، وأن النبي صلى الله عليه وسلم امتنع من إيجابه على الأمة خوف المشقة عليهم, ولذلك يعتبر القول بالوجوب مرجوحاً من هذا الوجه.
ويعتبر السواك مسنوناً لا واجباً ولا لازماً, بمعنى: أن الإنسان يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه.
(مسنون) أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم سنّه بقوله وفعله، أما بقوله: فكما تقدم في حديث أبي هريرة وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام في حديث البخاري معلقاً بالجزم: (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب) فهذا الثناء من النبي صلى الله عليه وسلم على السواك يدل على أنه سنة.
وجاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه أكد السواك وندب إليه حتى قال في الحديث الصحيح:(أكثرت عليكم في السواك) وهذا يدل على حبه صلوات الله وسلامه عليه وحرصه على هذه الخصلة المحمودة، وقد جاء كذلك عنه عليه الصلاة والسلام أنه رغب في السواك في آخر حياته وهو في مرض موته صلوات الله وسلامه عليه، ففي الصحيحين من حديث أم المؤمنين عائشة:(أن عبد الرحمن رضي الله عنه -أعني: أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعن أبيه- دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وفي يده سواك، قالت أم المؤمنين: فأبّده النبي صلى الله عليه وسلم بصره) وقد كان عليه الصلاة والسلام عفيفاً، لا يسأل الناس شيئاً، ولكن لفضل السواك وعظيم مكانته أبّده بصره، ففهمت رضي الله عنها وأرضاها حب النبي صلى الله عليه وسلم لهذا السواك.
فالسواك بالإجماع سنة إلا من خالف وقال بوجوبه, أي: يكاد يكون قول الجماهير، إلا أن بعض أهل الظاهر قالوا بالوجوب، والصحيح: أنه ليس بواجب.