للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مسألة: هل النكاح الثاني يهدم النكاح الأول؟]

قال رحمه الله: [ومن طلق دون ما يملك].

أي: الذي يملك ثلاث تطليقات إذا طلق الطلقة الأولى أو الطلقة الأولى والثانية فبقيت الثالثة، وإن شئت قلت: من طلق فبقي له طلاق، فهذا (دون ما يملك) أو بقي له طلاق واحد.

فمن طلق دون ما يملك وخرجت المرأة من عدتها، ثم تزوجها زوج غيره وطلقها وأرادت أن ترجع للأول، فهل ترجع بثلاث تطليقات جديدة، أو يبني على ما سبق؟ وهذه مسألة: هل النكاح الثاني يهدم النكاح الأول أو لا يهدم؟ فمن أهل العلم من قال: لو تزوجت المرأة مائة زوج وعادت لزوجها الأول رجعت بالعدد الأول، فلو طلقها قبله طلقة واحدة ورجعت إليه بقيت له طلقتان، سواء دخلوا بها أو لم يدخلوا بها، وسواء حملت أو لم تحمل وأنجبت أو لم تنجب، المهم أنه لا زالت هناك علاقة في الطلاق الأول؛ لأن الله يقول: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة:٢٢٩] إلى أن قال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة:٢٣٠] وهذا لم يطلقها الطلقة الثانية، فبقي على الترتيب الأول بنص الآية الكريمة، وهذا مذهب جمهور العلماء وأئمة السلف رحمهم الله.

وهو قول أئمة الصحابة كـ أبي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم، فكلهم يقولون: إن النكاح لا يهدم، بل يبقى على الطلاق الأول.

وقال بعض السلف كـ ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما: إنه إذا نكحها زوج ثان رجعت بثلاث تطليقات من زوجها الأول إن طلقها الثانية، ويرون أن النكاح الثاني يهدم النكاح الأول.

والصحيح: مذهب الجمهور، لظاهر القرآن.

والمخالفون لهم قاسوه وألحقوه بمن طلق ثلاثاً فنكحت زوجاً غيره، فإنه بالإجماع لو طلقها ثلاثاً وتزوجها زوج غيره ودخل بها فإنه يعود لها بثلاث تطليقات، فهم يقيسون من طلق الطلقة الأولى وتزوجت من بعده ثم طلقها الثاني وتزوجها الأول؛ يقيسون على من طلق ثلاثاً ونكحها زوج غيره.

والصحيح: أنه يعود بالعدد الأول قلّ الأزواج أو كثروا، دخلوا أو لم يدخلوا، فالنكاح الثاني لا يهدم النكاح الأول.

<<  <  ج:
ص:  >  >>