للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[معنى المأثم المغرم]

السؤال

في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم) فما هو المأثم والمغرم أثابكم الله؟

الجواب

فسر النبي صلى الله عليه وسلم هذا بأن الإنسان إذا غرم وأصابه الدين وتحمل وقع في الإثم، ولذلك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يعد فلا يفي) أي: يقول سأعطيك غداً، ثم لا يتيسر له السداد، فيصبح مخلفاً لوعده كاذباً في قوله، فاستعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الحال، كما ثبت في حديث دعاء التشهد وهو حديث صحيح: قالت عائشة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ من هذا وقال: (إذا غرم الشخص حدث فكذب، ووعد فأخلف) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من غلبة الدين، لأن الدين إذا غلب الإنسان كذب في قوله، وأخلف في وعده، وهذه من الفتن العظيمة.

ولذلك لا تظهر قوة الإنسان في دينه وصدقه في إيمانه بمثل ما إذا ابتلي بالدنيا فصدق مع الله عز وجل، فالدنيا بلاؤها عظيم، ومن هنا قال عمر رضي الله عنه: (لا تغرنكم دندنة الرجل في صلاته، انظروا إليه في ديناره ودرهمه).

فالشخص إذا ابتلي في الدنيا وأصبح غارماً مديوناً اضطر إلى أن يكذب ويخلف الوعد، ويقع في المزالق التي لا تحمد عقباها: إن السلامة من سلمى وجارتها ألا تمر بوادٍ حول واديها فعلى الإنسان أن يبتعد عن أمور الدنيا خاصة تحمل الديون في التجارات أو في أمور غير واضحة، فهذه لا تحمد عقباها، ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم وهو يبين حال الاستدانة وعدم سداد الناس حتى يقع الإنسان في غلبة الدين، ويقع في خلف الوعد والكذب إذا حدث، قال صلى الله عليه وسلم: (ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله) وهذا يدل على أن الإنسان إذا أخذ الديون ينبغي عند أخذه أن ينظر إلى أمرين: أولاً: حسن النية في السداد.

ثانياً: وجود غلبة الظن على أنه سيسدد.

ولا يجوز أن يخاطر بأموال الناس، خوفاً من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عليه: (ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله)، فالتساهل في هذه الأمور لا ينبغي.

وكم من إنسان تراه مستقيماً على دين الله عز وجل وطاعته ومحبته ومرضاته، فإذا علم الشيطان ضعفه في الدنيا استدرجه حتى يقع فيها، ويمنيه ويعده بالوعود الكاذبة حتى يقع في غلبة الدين، وعندها لا يهنأ له عيش، ولربما تصيبه دعوات السوء والعياذ بالله؛ لأنه قد يضر الناس -والعياذ بالله- في حقوقهم.

المقصود أن غلبة الدين لا خير فيها، فقد تهلك الإنسان وتفتنه في دينه ودنياه، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يقضي عنا وعنكم الدين، ونعوذ بوجهه الكريم وسلطانه القديم من فتنة الدين والدنيا والآخرة، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>