قال رحمه الله:[وفي كسر الذراع -وهو الساعد والجامع لعظمي الزند والعضد- والفخذ والساق إذا جبر ذلك مستقيماً بعيران] قوله: (وفي كسر الذراع) لو كسر عظم الذراع، وهو العظم الجامع ما بين الزند والعضد، والزندان: هما عند مفصل الكف مع الساعد، الزند الأعلى والأسفل، فهذان العظمان الناتئان هما زندا اليد، يلي الزندين الساعد إلى المرفق، والمرفق هو الذي يرتفق به الإنسان والذي أمر الله بغسله في الوضوء وهو حد غسل اليد في الوضوء، هذا كله يسمى: بالساعد، فكسره فيما ذكر رحمه الله فيه بعيران، أي: في الساعد وفي الزند، وإذا كان الزندان فمعنى ذلك: أن فيهما أربعةَ أبعرة، وهذا له أصل من كتاب عمر رضي الله عنه أيضاً، فإنه كتب إلى عامله بذلك، ومن هنا عمل به جمهور العلماء رحمهم الله على أن فيه بعيرين.
قوله:(والفخذ والساق إذا جبر ذلك مستقيماً بغيران) يدل على أن المصنف يرجح مذهب من يقول بالحكومة في الشين والألم والضرر بعد البرءُ، يعني: إذا حصلت الجناية وانكسر العظم ننتظر إلى أن يشفى ويبرأ، فإذا شفي والتحم العظم، ننظر في هذا العظم الذي التحم، هل التحم مستقيماً لا اعوجاج فيه ولا ألم معه، ولا شين؟ فحينئذٍ لا إشكال، حكمنا بهذا المقدر، وأما إذا جبر معوجاً، أو جبر وفيه شين، أو فيه ألم قُدر هذا الزائد بحقه وحكومته.
ومن نص المصنف رحمه الله على قوله:(إذا جبر ذلك مستقيماً)، وعظم الفخذ والساق ذكر فيه البعيرين كله من باب الإلحاق؛ لأن عمر رضي الله عنه لم ينص على عظم الفخذ والساق، ولكن هو في حكم عظم الساعد والزندين، والمنافع فيه كالمنافع في المفصل؛ لأنه من جنس المفاصل التي يرتفق بها.