قال رحمه الله:[ووضعه على سرير غسله متوجهاً منحدراً نحو رجليه].
فيوضع على سرير؛ وذلك أنه إذا وُضع على الأرض أسرعت إليه الهوام، وخاصةً في الزمن القديم، فإن الضرر أكثر، وإن كان في عصرنا -والحمد لله- قد يكون آمناً، ولكن لا يزال الجسم إذا وضع على حالةٍ معينة يتضرر، ولذلك قال تعالى عن أهل الكهف:{وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ}[الكهف:١٨] هذا التقليب لأنهم لو بقوا على حالةٍ واحدة لتآكل الجنب، ولكن الله سبحانه وتعالى قلبهم حتى لا يحدث التآكل في الجنب، وإن كان سبحانه وتعالى قادراً على أن يجعلهم على حالةٍ واحدة لا تآكل معها، ولكن هذا من باب الإشارة إلى الأسباب؛ ولذلك قالوا: يوضع على سرير، فلا يلي الأرض؛ لأنه ربما يحمي الجسد، ثم إذا سخن الجسد وليس ثم روح فيه تسارعت الأعضاء والأطراف والجلد إلى التلف؛ لأن الجسد يبقى بروحه، فإذا نزعت منه الروح ضعف عن مقاومة الأذية، والهوام ونحوها من الجراثيم التي تصيب الإنسان.
وكل هذا ليس بواجب وإنما هو من باب الكمالات، ولا يشترط التعيين في مثل هذه الأمور، إنما المراد الرفق، فلو كان على الأرض حديدٌ -مثلاً- يوضع عليه ويؤمن منها الضرر فلا حرج، ولو كانت الأرض طبيعية، فإذا وضع عليها أسرع إليه الهوام رفعناه عنها على بساط أو على مركبة أو نحو ذلك ولا حرج، فلا يشترط السرير بعينه، وإن كان صلى الله عليه وسلم سجي عليه، لكن كل ذلك من باب الأسباب، فليس بأمر إلزامي ولا واجب، خاصةً إذا كان غسله قريباً فالأمر فيه واسع والحمد لله.
ثم يرفعه فيجعل صدره مرتفعاً قليلاً إذا وضع على السرير ليسهل خروج ما في بطنه، ولذلك يجعله على هذه الحالة حتى يكون أدعى لخروج الفضلات الباقية، فيسهل غسله بعد ذلك ونقاؤه، فلا يتعب من يقوم بتغسيل الميت.