(وبول الآدمي للجراح)، أي: الجرح -أجاركم الله- إذا كان ينزف، كانوا في القديم في الحروب يتعرضون له للإصابات، فينزف الجرح فلا يرقأ، فيصب عليه البول فيتماسك، وهذا مجرب ومشهود إذا صب البول -أكرمكم الله- على الجرح يتماسك ويلتئم؛ لأنه حارق فيحرقه، وهو من طبيعة البدن، ولذلك تقول العامة:(الجرح النحس ما له إلا البول النجس)، فهم يقولون هذا بطبيعتهم، فإذا أعياهم أن يجدوا له دواء إلا هذا فلا بأس، فهذه عشر مسائل ومنها مسألة الباب:(وغصة تزال بالرياح)، وهذه يقول عنها: الإمام ابن قدامة وغيره: عامة العلماء أنه إذا حصل اضطرار إلى الخمر بأن تساغ بها الغصة فلا بأس ولا حرج، وهذا لا يدخل في التداوي بما حرم الله؛ لأنه ليس علاجاً لداء، وإنما هو مقام اضطرار، ألجئ إلى هذا الخمر، فرخص له ذلك جماهير السلف والخلف، وهو قول العامة.
ويحكى عن الإمام مالك وبعض السلف أنهم شددوا في هذه المسألة، ولكن المذهب عند المالكية أنها تزال الغصة بالخمر، وأنه لا حرج ولا بأس حينئذٍ.
قال المصنف رحمه الله:[ولم يحضره غيره] فهذا شرط، لم يحضره غير الخمر، فإذا وجد غير الخمر يمكن إساغة الغصة به، فإنه لا رخصة له في الخمر، بشرط ألا يكون غير الخمر متضمناً للضرر، مثل أن يجد سائلاً ساماً غير الخمر إذا شربه سيموت، فليس هناك علاج للموت بالموت، وحينئذٍ قوله:(لم يحضره غيره) يعني: مما هو أخف من الخمر، ويمكن إساغة الغصة به، وهذا مراده رحمه الله.