هل من يموت بمرض البطن يعتبر شهيداً من شهداء أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم، كذلك مرض السرطان عافانا الله وإياكم؟
الجواب
كل من مات بمرض البطن فإنه شهيد، والشهادة على مراتب ودرجات أعظمها وأفضلها وأجلها عند الله سبحانه وتعالى الشهادة في سبيل الله، من قُتل وهو مقبل غير مدبر لإعلاء كلمة الله لا حميةً ولا شجاعةً ولا رياءً ولا سمعة، فإذا قُتل في سبيل الله عز وجل واستشهد فإن هذا أفضل أنواع الشهادة، ثم الشهادة في سبيل الله تختلف على مراتب، والشهداء عند الله عز وجل على مراتب، يفضل بعضهم على بعض، فأعظم ما تكون الشهادة إذا كان البلاء عظيماً، وتختلف هذه الشهادة العظيمة باختلاف الأحوال، فقد يستشهد الإنسان وما في جسده موضع إلا وفيه طعنة أو ضربة في ذات الله عز وجل، وقد يستشهد وهو لا يهاب الموت.
يعني: هناك أمور تفضل بها الشهادة باطنة وظاهرة، فالأمور الباطنة ما يكون في قلبه من حب للجنة وشوق إليها، حتى إن في بعض الأحيان ربما يكون الإنسان في الجهاد ويرى موقفاً فيخاف من الموت طبيعة وفطرة، ولكن إذا كمل إيمانه ووصل إلى مراتب اليقين تصبح الجنة بين عينيه كما قال الصحابي رضي الله عنه:(إني لأجد ريح الجنة دون أحد) وكان هذا وهو في الحياة، فلما كمل طلبه للجنة وبيعه لنفسه لله وفي الله قال:(والله إني لأجد ريح الجنة دون أحد)، وهذا شيء فوق خيال الإنسان وفوق تصوره، أنه في الدنيا ولم تقبض روحه ولكن أبى الله إلا أن يبشره بالجنة قبل أن يخرج من الدنيا، (إني لأجد ريح الجنة دون أحد) وهذا كمال اليقين وكمال الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فتسلم لموعود الله مؤمناً بما عند الله عز وجل، كأن الجنة بين عينيك، وإذا كملت شهادة الإنسان عظمت منزلته وارتفعت، ثم شهادة الشهيد العالم ليس كالشهيد الذي هو دون ذلك، فإذا أراد الله أن يعظم للعبد مرتبة الشهادة جمع له بين العلم والشهادة، فيكون في أعلى المراتب التي نسأل الله بعزته وجلاله أن يجعلنا وإياكم من أهلها.
وأما بالنسبة لشهادة البطن فتكون بالأمراض التي تصيب الإنسان سواءً كانت -أعاذنا الله وإياكم- من مرض السرطان أو كانت بالقرحة أو غير ذلك من الأمراض، حتى ذكر بعض العلماء أنه لو ابتلع شيئاً وهو لا يعرف أن فيه الضرر ثم تسمم جوفه أو شيئاً من الحديد وهو لا يدري فقطع جوفه ومات بسبب ذلك أنه يعتبر مبطوناً، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(ما تعدون الشهيد فيكم؟ قالوا: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، فقال عليه الصلاة والسلام: إذاً شهداء أمتي قليل، ثم ذكر عليه الصلاة والسلام: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، والمبطون شهيد، والحريق شهيد، وصاحب الهدم شهيد، والنفساء شهيد) إلى آخر الحديث، فعد عليه الصلاة والسلام من الشهداء من مات في بطنه، نسأل الله بعزته وجلاله وأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرزقنا شهادة في سبيله، وأن يتقبل ذلك خالصاً لوجه الكريم، موجباً لرضوانه العظيم، والله تعالى أعلم.