إذا قرأ الإمام قول الله تبارك وتعالى:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب:٥٦]، فهل يجوز للمأموم أن يتلفظ بالصلاة، أم يجعلها في نفسه، أم لا يقول شيئاً على الإطلاق؟
الجواب
من فقه الإمامة التي ينبِّه عليها بعض العلماء أن لا يوقع الإمام المصلين وراءه في الحرج، ومن هنا قالوا: إنه لا يقرأ بسورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[العلق:١] لأنه إذا كبر للركوع ذهبوا إلى السجود وسجدوا.
وكذلك أيضاً قالوا: إنه لا يتعاطى الأمور التي توجِب اختلاج صلاة الناس.
ومثل هذه المسألة الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، يقولون: إنه سيعرض المأمومين إلى التكلم في الصلاة، ولذلك يقولون: إن الأفضل أن لا يتعاطى مثل هذه الأمور التي قد توقع الجاهل في الأمور المحظورة، فإن الإنسان إذا صلى وراء إمام وقرأ آية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه في نفسه، ولا يتلفظ بالصلاة، وقد قال عليه الصلاة والسلام (إن في الصلاة لشغلاً).
وفي الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:(وإذا قرأ فأنصتوا).
وأما بالنسبة للنافلة فقد قال بعض العلماء: يُشرع له أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم لما ثبت في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: (كان إذا مر بآية رحمة سأل الله من فضله، وإذا مر بآية عذاب استعاذ)، ففرَّقوا بين الفرض والنفل.
قالوا: في الفريضة لم يثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يقف عند آية العذاب أو آية الرحمة ويتكلم، إنما كان يسرد قراءته، مع أنه ثبتت عنه الأحاديث الصحيحة الكثيرة في قراءته في الفرض من السور التي ذُكِرت في يوم الجمعة والصلوات، ومع ذلك لم يُحفظ عنه حديث واحد أنه توقف لآية عذاب، أو آية رحمة، وأما في قيام الليل فثبت عنه أنه توقَّف لآية الرحمة وسأل الله من فضله، وتوقف عند آية العذاب واستعاذ بالله عز وجل، فدلّ على الفرق بين الفرض والنفل، وقد يجوز الشيء في النفل ولا يجوز في الفرض، فلذلك يجوز للإنسان أن يصلي النافلة في السفر على الدابة، ولا يجوز له أن يصلي الفريضة، فالفرض أعلى مرتبة من النفل.
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الناس المداومة على قراءة هذه الآية ليلة الجمعة، وهذا من البدع فينصح الإمام بعدم تكرار هذا والمداومة عليه، وإذا سمع الناس يتلفظون وراءه ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم بصوت عالٍ فإن عليه أن يكون أشد محافظةً على صلاة الناس كي لا تبطل، خاصة وأن بعض العلماء يرى عدم جواز التلفظ في مثل هذه الحالة كما ذكرنا، والله تعالى أعلم.