ما الحكم في سُترة المصلي داخل الحرم؟ وهل يعذر في قطع الصلاة بسبب الزحام ونحوه؟
الجواب
النصوص في السترة عامةٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:(من استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين قبلته أحد فليفعل)، وسئل عليه الصلاة والسلام عن سترة المصلي فقال:(مثل مؤخرة الرحل)، فلا يضره من مر وراء ذلك، وقال:(إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً) فهذه كلها تدل دلالةً واضحةً على اللزوم.
وبناءً على ذلك نظرنا في هذا النص فوجدناه عاماً لم يفرق بين كون الإنسان داخل المسجد أو خارجه.
وقال بعض العلماء باستثناء مكة وداخل المسجد، والحديث في ذلك ضعيف، فلم يصح حديثٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم باستثناء داخل الكعبة، وإنما استثناه العلماء بهذا الحديث الضعيف وبالنظر -أي: الاجتهاد- فقالوا: إنه داخل المسجد يرى الكعبة، فلا حرج أن يمر أحدٌ بين يديه ولا يقطع صلاته وهذا اجتهاد في مقابل عموم النص فيُقدَّم عموم النص عليه، والصحيح أنه لا بد من السترة، بل ثبتت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته إلى السترة في داخل مكة.
ففي الصحيحين من حديث أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي رضي الله عنه أنه قال:(أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في قبةٍ له حمراء من أدم -وهذا بعد أن فرغ من المناسك ونزل عليه الصلاة والسلام- قال: فأتاه بلال بوضوءٍ.
إلى أن قال: ثم رُكزت له العَنَزَة).
وهذا يدل على أن داخل مكة كخارجها سواءً بسواء، والحديث ضعيف فيُبقى على عموم النص، ويستوي من كان بالداخل والخارج.
لكن لو أن إنساناً غُلِب بمرور الناس فليتنح إلى ناحية ليس فيها أُناس، خاصة إذا كان يريد أن يصلي صلاةً واجبةً عليه، كأن يقضي ظُهراً أو عصراً، أما أن يأتي في المطاف مثلاً، أو بجوار المطاف أو المقام، ويريد أن الناس لا تمر بين يديه فإنه يعتبر كالمتسبب لنفسه في مرور الناس، فلو ظن أنه لا يمر بين يديه أحد وغلبه الناس فلا حرج، فلو قام يصلي سنة الظهر، أو ليصلي صلاة رغيبة الفجر فجاء الناس ومروا بين يديه وغلب عليهم فلا حرج؛ لأن التكليف شرطه الإمكان، وهذا ليس بإمكانه أن يدفع إذا حصل الضرر عليه بغلبة الناس له، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.