قال رحمه الله:[ولا مخالف لدين الجاني] قوله: (ولا مخالف لدين الجاني)؛ لأنه ينقطع إذا كان على ملة غير ملة الجاني، فليس بينهما الأصل الموجب للمعاضدة والمناصرة في الدين والشرع؛ لأن العاقلة فيها المناصرة والمعاضدة بالطبع، والمناصرة والمعاضدة بالشرع، فإذا وجد ما يمنع المناصرة والمعاضدة بالطبع امتنع، وإذا وجد ما يمنع المعاضدة والمناصرة بالشرع امتنع، ومن هنا لا يقضي القاضي على قريبين من ملتين مختلفتين، وصورة هذه المسألة: كانوا في القديم -هذا بالنسبة لأهل الكتاب- إذا كانوا تحت حكم المسلمين وحكم القاضي بينهم في العقل بشريعتنا، فإن القاضي يحكم بالعاقلة، فإذا كان هناك قريب من العاقلة على ملة غير ملة الجاني لم يحمل، ولا يقضي القاضي بحمالته، فلا يقضى بين ملتين مختلفتين، ومن باب أولى بين المسلمين والكفار.
ولذلك قطع الله التوارث بين المسلم والكافر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح، حينما قال له أسامة بن زيد -حبه وابن حبه رضي الله عنه وعن أبيه-: (أين تنزل غداً؟ فقال: وهل ترك لنا عقيل من رباع؟ -ثم قال عليه الصلاة والسلام-: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم، منزلنا بخيف كنانة حيث تقاسموا على الكفر)، فالشاهد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع التوارث بين المسلم والكافر.