إن سأل الرقيق سيده أن يزوجه، وقال: أريد أن أتزوج، فهذا حق من حقوقه؛ لأنه إذا لم يزوجه وقع في الحرام، والشريعة قفلت الأبواب المفضية إلى الفساد، والزنا من أعظم الفساد، ولذلك قفلت جميع الأبواب الموصلة إليه؛ فنهت عن النظر إلى المحرمات، ونهت عن لمس الأجنبية والخلوة بها، وسفر المرأة بدون محرم، وضرب المرأة بقدمها ليعلم ما تخفيه من زينتها كل هذا قفل للأبواب المفضية للفساد وهو الزنا، فإذا كان الرقيق محتاجاً إلى الزواج وشكى إلى سيده أنه يريد أن يتزوج زوجه سيده.
واختلف العلماء في هذه المسألة على قولين: الشافعية والحنابلة وطائفة من أهل الظاهر على أنه يجب على السيد أن يزوجه؛ لقوله تعالى:{وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}[النور:٣٢]، فأمر الله بتزويجهم، وقال المالكية والحنفية: لا يجب عليه الزواج إنما هذا من باب المعروف والإحسان.
وظاهر الآية يدل على الوجوب:(وَأَنكِحُوا)، ولذلك مذهب الحنابلة والشافعية أشبه من حيث النص؛ لأنه أخذ بظاهره، فنقول له: إما أن تزوجه وإما أن تبيعه؛ لأنه لو بقي عنده بدون زواج وهو لا يأمن الفتنة، أفسد نفسه وغيره، نقول له: إما أن تزوجه وإما أن تبيعه، ويؤمر ببيعه.