[حكم الحنث في اليمين من حيث الفعل والترك والإكراه والنسيان]
[الثالث: الحنث في يمينه، بأن يفعل ما حلف على تركه أو يترك ما حلف على فعله مختاراً ذاكراً] قوله: (الحنث في يمينه) هذا الشرط الثالث، فإذا حلف أن يفعل شيئاً فالحنث أن لا يفعله، وإذا حلف أن لا يفعل شيئاً فالحنث أن يفعل، فإذا قال: والله لا أدخل الدار حنث بالدخول، وإذا قال: والله سأدخل الدار ولم يدخل حنث بعدم الدخول، فإذا حنث لزمته الكفارة.
قال صلى الله عليه وسلم:(إني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير) بمعنى: أنه يفعل عكس ما حلف عليه، والعكس كما ذكرنا: أن ينفي ما أثبته، ويثبت ما نفاه.
[فإذا حنث مكرهاً أو ناسياً فلا كفارة] قوله: (مكرها) لأن الله أسقط بالإكراه المؤاخذة، قال: والله لا أدخل الدار.
فأخذوه وربطوه وحملوه وأدخلوه الدار، فهذا إكراه ملجئ تام، فلا تجب عليه كفارة؛ لأنه أسند الدخول إلى نفسه وطوعه وإرادته، ومن دخل بحمل الناس له فقد دخل بغير اختياره وبغير إرادته، فحينئذٍ لا يكون حانثاً.
قوله:(أو ناسياً) اختلف العلماء رحمهم الله في الناسي، هل هو مكلف أو غير مكلف؟ وتفرع عليه هذه المسألة، فإن قلنا: إنه غير مكلف لا يجب عليه، والأقوى أنه يجب عليه الضمان في الإخلال، وهي مسألة الأصول التي كررناها أكثر من مرة، وفي الأيمان تستثنى من هذا الأصل؛ لأن المراد به الانتهاك للحرمة، ومن كان ناسياً ليس فيه معنى الانتهاك، فهذا وجه الاستثناء للناسي من الأصل الذي ذكرناه، وهو مؤاخذته للضمان بحق الله وحق المخلوق.