للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حالات المرأة في الحيض]

الإشكال في هذا الباب أن المرأة لا تخلو من أن تكون مبتدأة، أو معتادة، أو مميزة، أو متحيرة.

أربع حالات: إما أن تكون مبتدأة: والمبتدأة هي التي ابتدأها الحيض، أي: جاءها لأول مرة.

وإما أن تكون معتادة: وهي التي عاودها الحيض ثلاث مرات فأكثر على وتيرة واحدة.

أو تكون مميزة: وهي المرأة التي تعرف دم الحيض، وتميزه بلونه، ورائحته، وغلظه، ورقته، والألم وعدمه.

أو تكون متحيرة، والمتحيرة والمحيرة قالوا: متحيرة: في نفسها لا تستطيع أن تميز، ومحيرة: لأنها حيرت العلماء؛ لأن مسائلها تتداخل، فتارة ينظر إلى التمييز، وقد لا تستطيع أن تميز، وتارة ينظر إلى الأمد والزمان فتردها إلى أقل الحيض، وتارة ترد إلى أكثر الحيض، فاحتار العلماء فيها.

فأكثر مسائل الحيض وإشكالاته في المميزة والمتحيرة، وأعقدها في المتحيرة، وقد تكون هناك مسائل متداخلة في الحيض، كأن يدخل الحيض على النفاس، فتكون المرأة نفساء ثم لا تشعر إلا وقد طهرت، فتطهر يوماً كاملاً وترى النقاء، ثم يدخل الحيض على النفاس.

المقصود: أن باب الحيض باب دقيق، وهذه الفروع ينبغي أن لا تحتقر، بمعنى: إذا مرت علينا مسائل أو فروع للعلماء فينبغي على طالب العلم أن ينتبه لها، وكان بعض طلاب العلم إبان الطلب يستخفون بهذه المسائل ويقولون: هذه التفريعات ما أنزل الله بها من سلطان، والواقع أننا لما قرأناها وجدناها من ألذ ما يكون في دراستها وضبطها وينفع الله بك المسلمين خيراً كثيراً، فكم من إشكالات وعويص مسائل تزال بإتقان هذا الباب، وهي بسيطة -إن شاء الله- إذا يسر الله على طالب العلم بحيث يعرف أصول كل نوع من النساء وضابطه، أي: يعرف أصل كل حكم يريد أن يقرره، فيستطيع أن يعرف ما تفرع عنه.

ويحتاج كتاب الحيض إلى إلمام وإتقان، ولا تزال الأمة بحاجة إلى الإتقان من طلاب العلم، بل إن الإمام النووي في القرن السابع يقول: وقد غلط فيه العلماء.

وهذا في القرن السابع، واليوم قلَّ -إلا من رحم الله- من يتقن مسائل الحيض، فقد تجد الواحد يقول: الأمر يسير! ويقفل الباب من بدايته، وقد يرد المرأة إلى عادة أمثالها أو أضرابها، ويقول: تنظر عادة أمها أو أختها وتعمل على ذلك وينتهي الإشكال، لكن لا يستطيع أن يعطيك أصلاً أو حجة تدل على أنه قد فهم هذا الباب وأَلَمّ بأصوله، ولذلك ينبغي على طلاب العلم أن ينتبهوا، وأنبه هنا على أنه لو ترجح عندنا -مثلاً- أن المرأة تبني على الغالب فنقول لها: تحيّضي خمساً أو ستاً أو سبعاً في علم الله عز وجل وينتهي الإشكال، فهذا راجح بالنسبة لظننا، والحديث في هذا حسن ولا يقتضي أن غيره مرجوح من كل وجه، وأنه هو الحق الذي لا مرية فيه، فقد تكون التفريعات التي ذكرها العلماء فيها الصواب وفيها ما يوافق الحق في بعض الصور وهي خارجة عن هذا الحديث، فلذلك نقول: ينبغي على طالب العلم أن يتقن هذا الباب ويلمّ به ويوليه من العناية ما هو خليق به.

والكتاب الذي معنا مباحث الحيض فيه مختصرة، ولكن لا شك أن فيها إلماماً بأصول جيدة في باب الحيض، وقد ننبه على بعض الفروع، ونسأل الله عز وجل التوفيق والرعاية.

<<  <  ج:
ص:  >  >>