للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بيان المحرمات من الرضاع وحكم كل نوع منها]

[ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب] (ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)، الرضاع: مص الثدي، وسيأتي إن شاء الله بيان مسائله وحقيقته؛ لأن العلماء أفردوا للرضاع باباً مستقلاً، إذ يحتاج الفقيه وطالب العلم أن يعلم حقيقة الرضاع، وكيفية الرضاع، ومتى يحكم بالرضاع، والآثار المترتبة على الحكم به، وهذا له باب مستقل، لكن الذي يهمنا هنا أن الرضاع يؤثر كالنسب، والحجة في ذلك صريح السنة وهو قوله عليه الصلاة والسلام: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)، فأم من رضاع وبنت وأخت وعمة وخالة وبنت أخ وبنت أخت، كل هؤلاء محرمات من الرضاع كما يحرمن من النسب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نص على ذلك، وألحق بذلك المحرمات من المصاهرة، كأم الزوجة من الرضاع، وكذلك بنتها من الرضاع كلهن محرمات، وزوجة أبيه من الرضاع، وكذلك بنت زوجته من الرضاع كلهن محرمات، ويلتحقن في قول جماهير السلف والخلف رحمهم الله، وحكى بعض العلماء الإجماع على ذلك.

قال: [إلا أم أخته].

قوله: (إلا أم أخته)، أي: أم أخته من الرضاع، لو أن خديجة ومحمداً ارتضعا من فاطمة، فإن محمداً تحرم عليه فاطمة، لكن لا تحرم عليه أم أخته خديجة؛ لأنها أجنبية، خديجة ومحمد ارتضعا من فاطمة، ففاطمة أمهما من الرضاع هذا ما فيه إشكال في كونها محرمة، لكن أم الأخت من الرضاع التي لم يرتضع منها، القيد هنا: (التي لم يرتضع منها) لكن أم أخته من الرضاع التي رضع منها بالإجماع محرمة؛ لأنها أمه، لكن أم أخته من الرضاع إذا اشتركا في امرأة وكان للأخت التي شاركته في الرضاع أم غير التي رضع منها فإنها أجنبية، ففي الأصل أنها أجنبية وليست بمحرم، في النسب تحرم أم الأخت، ولكن في الرضاع لا تحرم أم الأخت إذا كانت على هذا الوجه.

قال: [وأخت ابنه] قوله: (وأخت ابنه) أي: من الرضاع، مثلاً: زيد من الناس عنده زوجة، وأثناء ما هي عنده وولدت له وثاب اللبن من وطئه أرضعت محمداً، فمحمد ولد لك حيث رضع من لبن زوجتك، فهو ناشئ عن مائك الذي ثاب منه اللبن، فمحمد هذا لو كانت له أخت حلّ لك نكاحها؛ لأن الأخت بالنسبة لك أجنبية، والذي دخل للمحرمية هو محمد الذي ارتضع من زوجتك، فتبقى أخواته وإخوانه -على الأصل- أجانب يحل نكاحهم، سواء من الإناث أو الذكور، فيبقى التحريم للشخص الذي رضع، وهذا سنفصله إن شاء الله أكثر في كتاب الرضاع، وذكره المصنف هنا للاستثناء، وأن الأصل يقتضي أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، لكن استثنيت هاتان المسألتان لشهرتهما، وهذا على سبيل التنبيه، وإلا سيأتي إن شاء الله تفصيل مسائل الرضاع، وبيان مسألة لبن الفحل والآثار المترتبة على الرضاع.

<<  <  ج:
ص:  >  >>