[إباحة الصلاة في مرابض الغنم لا يعارض منع التطهير بالشمس]
السؤال
كيف نجمع بين القول بأن تطهير النجاسة بالشمس غير جائز والقول بجواز الصلاة في مرابض الغنم وعدم جوازها في مرابض الإبل؟
الجواب
باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: إن نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في معاطن الإبل لا يعارض قولنا: بأن الشمس لا تطهّر؛ بل هو دليل على ذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم منع من الصلاة في معاطن الإبل، وعلل العلماء ذلك بكونها -أي: الإبل- خلقت من الشياطين، قيل: إنها على الحقيقة، وقيل: إن فيها شبهاً من الشياطين، ولذلك أُمر بالوضوء من لحمها، ولم يؤمر بالوضوء من لحم غيرها، وبقي الحكم في الشرع على أنه يجب الوضوء من لحم الجزور دون غيره.
الشاهد: أن كونه يحكم بجواز الصلاة في مرابض الغنم لا يدل على نقض المسألة التي معنا من كون الشمس لا تطهّر، فليس هناك تشابه بين المسألتين، فهذا حكم له علاقة بمسألة طهارة فضلة الحيوان، وهذا حكم له علاقة بتأثير النجاسة، فالأول يتعلق بوجود النجاسة في معاطن الإبل ومرابض الغنم أم لا، والذي نبحثه نحن هو زوال النجاسة بالشمس، فالاعتراض ليس وارداً؛ لأن شرط الاعتراض والتناقض بين الحكمين: أن يتحد المورد، فإذا كان الحكم الأول يتعلق بكون هذا يؤثر في إزالة النجاسة أو لا يؤثر، والثاني يتعلق بكون هذا يُصلى فيه أو لا يصلى فيه ولا علاقة له بالنجاسة، فلا تشابه بين الموضعين، فهذه مسألة وهذه مسألة، والإشكال إنما يكون إذا اتحد مورد المسألتين، فهذا الاعتراض ليس فيه وجاهة، والاستشكال ليس بوارد أصلاً؛ لأن الصلاة أجيزت في مرابض الغنم لطهارتها، ومُنعت في معاطن الإبل إما تعبداً وإما لعلة -وهي كما قلنا- وجود الشياطين فيها، والله تعالى أعلم.