رايته، واستخلف على "المدينة" ابن أم مكتوم، فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاموا على حصونهم، معهم النبل والحجارة، واعتزلتهم قريظة، فلم تعنهم، وخذلهم ابن أبي وحلفاؤهم من غطفان، فأيسوا من نصرهم، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقطع نخلهم، فقالوا: نحن نخرج عن بلادك، فقال: لا أقبله اليوم، ولكن اخرجوا منها، ولكم دماؤكم، وما حملت الإبل إلا الحلقة، فنزلت يهود على ذلك، وكان حاصرهم خمسة عشر يوما، فكانوا يخربون بيوتهم بأيديهم، ثم أجلاهم عن "المدينة"، وولي إخراجهم محمد بن مسلمة، وحملوا النساء والصبيان، وتحملوا على ستمائة بعير.
[٢٥ - غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر الموعد]
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر الموعد، وهي غير بدر القتال، وكانت لهلال ذي القعدة على رأس خمسة وأربعين شهرا من مهاجره، قالوا: لما أراد أبو سفيان بن حرب أن ينصرف يوم أحد نادى بيننا وبينكم بدر الصفراء رأس الحول، نلتقي بها، فنقتتل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطَّاب: قلْ: نعم إن شاء الله، فافترق الناس على ذلك، ثم رجعتْ قريش، فخبروا من قبلهم بالموعد، وتهيؤوا للخروج، فلما دنا الموعد كره أبو سفيان الخروج، وقدم نعيم بن مسعود الأشجعي "مكة"، فقال له أبو سفيان: إني قد واعدت محمدا وأصحابه أن نلتقي بـ "بدر"، وقد جاء ذلك الوقت، وهذا عام جدب، وإنما يصلحنا عام خصب غيداق، وأكره أن يخرج محمد، ولا أخرج، فيجتريء علينا، فنجعل لك عشرين فريضة يضمنها لك سهيل بن عمرو على أن تقدم "المدينة"، فتخذل أصحاب محمد، قال: نعم، ففعلوا، وحملوه على بعير، فأسرع السير، فقدم "المدينة"، فأخبرهم بجمع أبي سفيان لهم، وما معه من العدة والسلاح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسى بيده لأخرجنَّ، وإن لم يخرج معى أحد، فنصر الله المسلمين، وأذهب عنهم الرعب، واستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم