للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[موطأ محمد يعد من أجود الموطآت]

و"موطأ" محمد يعدُّ من أجود الموطآت، وإن لم يكن أجودها مطلقا، لأنه سمعه من لفظه بـ"مروا" في مدّة ثلاث سنوات، ومما يدلّ على اعتناء أهل العلم بـ"موطأ محمد" اشتهاره من روايته، ولم يشتهر من رواية الإمام الشافعي وغيره، من أصحاب مالك، فلا يوجد "الموطأ" بأيدي أهل العلم إلا من طريق يحيى الليثي أو من رواية محمد بن الحسن لا غير. ولأنه يذكر بعد أحاديث الأبواب ما إذا كانت تلك الأحاديث مما أخذ به فقهاء "العراق"، أو خالفوه، مع سرد الأحاديث، التي بها خالفوا تلك الأحاديث، وهذه ميزة عظيمة يمتاز بها "موطأ محمد" عن باقي "الموطآت"، كما أن "موطأ يحيى الليثي" المتوفى سنة أربع وثلاثين ومائتين يمتاز عن الباقي بسرده آراء مالك في مسائل بعد ذكره الأحاديث. وإنما كان مالك كتب "الموطأ" لنفسه، لئلا يغلط فيه زيادة ونقصا عند كلّ سماع. فاختلفت النسخ باختلاف سماع الرواة، فيكون كلّ راو هو المدوّن لرايته باعتبار سماعه عليه، لا بمجرد النسخ من نسخته، وهذا هو سر اختلاف نسخ "الموطأ" إلى نحو اثنتين وعشرين نسخة، فيعلم من ذلك أن عمل محمد في "الموطأ" يعد عملا جليلا جدا عند من يعني بأحاديث الأحكام، على أن أحاديث "الحجاز" كانت مشتركة بين علماء الأمصار، معلومة لهم، مروية عندهم لكثرة حجهم وزياراتهم، ولا يفوتهم شئ منها في الغالب.

ومنها: "كتاب الحجة" المعروف بـ"الحجج" في الاحتجاج على أهل "المدينة". وإنما المهم معرفة ما إذا كانوا أخذو بتلك الأحاديث أم تركوها لأدلة أخرى، وقام محمد في "موطأه" بتعريف ذلك، حيث بين مواطن الأخذ، كما بين مواضع الترك بأدلته (١).


(١) راجع: فوائد في علوم الفقه ص ٢٦٣، وبلوغ الأمالي ص ١٠، ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>