تضبطها، فلم تمض أيام حتى ذاع أن حضرة الشيخ قد أنهى مقالات يسيرة، وانتهى من الحساب، وذلك مما بعث الناس على العجب البالغ، فسأله الطلاب، ولم يكن حضرة الشيخ خالي الوطاب صفر اليدين، فردّ عليهم ردّا بليغا، نمَّ عن مقدرته في الفن.
[حله لبعض عويصات الحساب]
وقدم إليه الشيخ الكاتب ذكاء الله بأسئلة بلغت من الصعوبة بمكان أصدرها بعض الأساتذة الجدد، فردّ عليها حضرة الشيخ ردا كافيا، زاد من صيته، وهذا شأنه في الحساب، وأظلت أيام الامتحان في المدرسة، فغاب عنها، ولم يحضر الامتحان، وانفصل عن المدرسة نهائيا، فأسف على ذلك المسؤولون عن المدرسة بمن فيهم رئيس هيئة التدريس، فقد كان يتولى منصب مدرّس المرتبة الأولى أحد الإنكليز آنذاك.
[عمله كمحقق النصوص]
ثم عمل حضرة الشيخ أجيرا في المطبعة الأحمدية يحقّق النصوص، ويعدّها للطباعة بعد ما أنهى الكتاب الدراسية النظامية، وأكمل دراسة الحديث على الشاه عبد الغني، وخلال هذه المدّة ألم بوالدي مرض اليرقان، فقضى نحبه فيه في الحادى عشر من شهر ذى الحجّة عام ١٢٦٧ هـ، ولم يطل مرضه، إنما هو أحد عشر يوما، غير أن أربعة أو خمسة أيام منها اشتدّ خلالها وطأة المرض، وتناهت شدّته، وسادته الغشية، والإغماء، واحتاج إلى تحريك المروحة وإشمام لخلله، ونحن كان يغلبنا النوم، فنستريح، وحضرة الشيخ لا يزال يسهر عليه يمرضه، وبعد ما توفي الوالد تحولت إلى الدار التي نملكها، والتي تقع في حارة جيلان، وحضرة الشيخ بدوره صحبني إليها، وعلى السقف سرير مفكك، يرمى بنفسه فيه، ويأمر أحيانا، فتخبز له أخباز تكفيه عدّة وجبات، وعندي خادم يخبز الخبز، وقد أوصيته أن يقدم له إداما