وغيرهما، من مؤلّفاته الخالدة، ومن زعم خلاف ذلك فقد قصرَ في التنقيب، ورمى بدائه غيره، والله المستعان.
بعض أنباء الطحاوي لدى القضاة والحكّام:
ذكر ابن زولاق أن الطحاوي أراد مقاسمة عمّه في الربع الذي بينهما، فحكم له القاضي بالقسمة، وأرسل إليه بمال يستعين به في ذلك، ووافق ذلك أملاكا في مجلس أحمد بن طولون، فحضره أبو جعفر الطحاوي، وقرأ الكتاب، وعقد النكاح، فخرج خادم بصينية فيها مائة دينار، وطيب، فقال: كم القاضي. فقال: كم أبي جعفر، فألقاها في كمّه، ثم خرج إلى الشهود، وكانوا عشرة بعشر صوان، والقاضى يقول: كم أبي جعفر، ثم خرجتْ صينية أبي جعفر، فانصرف أبو جعفر في ذلك اليوم بألف ومائتي دينار سوى الطيب.
قال ابن زولاق: حدّثني عبد الله بن عثمان قال: سمعت أبا جعفر الطحاوي يقول: كانتْ لأبي الجيش بن أحمد بن طولون أمير "مصر" شهادة، فحضر الشهود، وكان كلّما كتب شاهد شهادته قرأها الأمير والقاضي، وكان كلّ شاهد يكتب: أشهدني الأمير أبو الجيش بن أحمد بن طولون مولى أمير المؤمنين، قال أبو جعفر: فلمّا شهدت أنا كتبت: أشهدُ على إقرار الأمير أبي الجيش بن أحمد بن طولون مولى أمير المؤمنين -أطال الله بقائه، وأدام عزّه وعلوه بجميع ما في هذا الكتاب-، فلمّا قرأه الأمير قال للقاضي: من هذا؟ قال: هذا كاتبي، فقال: أبو مَنْ؟ قال: أبو جعفر، فقال: وأنت يا أبا جعفر! -فأطال الله بقاءك، وأدام عزّك-، قال: فقمت بسبب ذلك محسودا من الجماعة. قال ابن زولاق: فلم يزلْ محمد بن عبدة