له. وقد تضافرت الروايات على أن صاحب القصّة هو والد أبي يوسف لا أمّه، كما يظهر من رواية الحسن بن أبي مالك، وعبد الحميد الحمّاني أيضا عن أبي يوسف عند الحارثي وغيره، راجع كتاب الموفّق الخوارزمي وأسانيده في تلك الروايات، وكان أبو يوسف شديد الملازمة لأبي حنيفة، حتى روى محمد بن قدامة عن شُجَاع بن مخلد أنه سمع أبا يوسف، يقول: مات ابن لي، فلم أحضر جهازه، ولا دفنه، وتركته على جيراني وأقربائي مخافة أن يفوتني من أبي حنيفة شيء، لا تذهب حسرته عني، روى العبّاس بن حمزة عن إسحاق بن أبي إسرائيل عن حسَّان بن إبراهيم أنه سمع أبا حنيفة يقول: ما لزمني أحد مثل ما لزمني أبو يوسف، ولو دام داود الطائي على الذي كان فيه لانتفع الناس به. وكان أبو يوسف عظيم الإجلال لشيخه ابن أبي ليلى وأبي حنيفة كبير البر لهما، فبذلك نال بركة العلم.
[بيئته العلمية وأهمية الكوفة بين أمصار المسلمين في ذلك العهد]
كان عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه يهتم بـ "الكوفة" جدا بعد فتح "العراق"، حيث بناها، وأسكن في أرضها، فصح القبائل، جعلها محطّ رحال كبار الصحابة، وبعث إلى أهل "الكوفة" عبد الله بن مسعود المعروف بابن أم عبد رضي الله عنه ليعلمهم القرآن، ويفقّههم في الدين، قائلا لهم: إني آثرتكم على نفسي بعبد الله، وما ذلك إلا لكبر منزلة ابن مسعود في العلم، بحيث لا يستغني عنه الخليفة في عاصمته، وقد قال عليه السّلام: من أراد أن يقرأ القرآن غضّا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد، قال أيضا: إني رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أمّ عبد، وقال عنه عمر رضي الله عنه: كنيف ملي علما.