ثم اشتاق إلى الحجّ والزيارة، فسافر إلى الحرمين الشريفين سنة تسع وأربعين ومائتين وألف، وأقام مقامه أكبر أخلافه الشيخ أحمد سعيد، وكان معه في السفر ابنه الشيخ عبد الغني، فلما وصل إلى "مكة المباركة" استقبله العلماء، واحتفى به الشيخ عبد الله سراج مفتي الأحناف، والشيخ عمر مفتي الشافعية، والمفتي عبد الله ميرغني الحنفي، وعمّه الشيخ ياسين الحنفي، والشيخ محمد عابد السندي، وغيرهم، فاستعدّ بالحجّ.
ثم توجّه إلى "المدينة المنوّرة"، وأقام بها أياما، يحضر الصلوات في المسجد النبوي الشريف، ويقضى فيه أوقاتا، ويشتغل بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نزع إلى الوطن، فتوجّه إلى أرضه، وكان قد أصيب بالحمّى في البلد الحرام، وانقلعت عنه يسيرا حين نزل بـ "المدينة"، فلما ودعها عاوده سقامه، ولم يزل يزداد، حتى إذا وصل إلى بلدة "طوك"، مكث بها قليلا اشتدّ به الوجع، وكان دخوله بها ثاني رمضان المبارك، فاشتدّ المرض صبيحة عيد الفطر.
ثم توفي بين صلاتي العشي، وصلى عليه المولوي خليل الرحمن قاضي البلدة، وحضر جنازته نواب وزير الدولة أمير تلك البلدة، ومن دونه من الأمراء، ثم نقل تابوته إلى "دهلي"، ودفن عند تربة شيخه، وكان ذلك في سنة خمسين ومائتين وألف، كما في "اليانع الجني".
* * *
٢٠٧٤ - الشيخ الفاضل سعيد بن علي بن سعيد، العلامة رَشيد الدين البُّصراويّ النَّحوِيّ،