ولقي رسولين لقريش بعثتهما يتحسبان الخبر، فقتل أحدهما، وأسر الآخر، فقدم به "المدينة"، فجعل عمرو يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك.
[٤٩ - غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية]
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديبية" خرج للعمرة في ذي القعدة سنة ست من مهاجره، قالوا: استنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابَه إلى العمرة فأسرعوا، وتهيأوا، ودخلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيتَه، فاغتسلَ، ولبسَ ثوبين، وركبَ راحلتَه القصواءَ، وخرج، وذلك يومَ الاثنين لهلال ذي القعدة، واستخلفَ على "المدينة" عبد الله بن أم مكتوم، ولم يخرجْ معه بسلاح إلا السيوف في القرب، وساق بدنا، وساق أصحابه أيضا بدنا، فصلى الظهر بـ "ذي الحليفة"، ثم دعا بالبدن التي ساق، فجللت، ثم أشعرها في الشقّ الأيمن، وقلّدها، وأشعر أصحابه أيضا، وهن موجّهات إلى القبلة، وهي سبعون بدنة، فيها جمل أبي جهل، الذي غنمه يوم بدر وأحرم، ولبى، وقدم عباد بن بشر أمامه طليعة في عشرين فرسا من خيل المسلمين وفيهم رجال من المهاجرين والأنصار، وخرج معه من المسلمين ألف وستمائة، ويقال: ألف وأربعمائة، ويقال: ألف وخمسمائة وخمسة وعشرون رجلا. وأخرج معه زوجته أم سلمة رضى الله تعالى عنها، وبلغ المشركين خروجُه، فأجمعَ رأيُهم على صدّه عن المسجد الحرام.
[٥٠ - غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر]
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر في جمادى الأولى سنة سبع من مهاجره، وهي على ثمانية برد من "المدينة"، قالوا: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بالتهيؤ لغزوة خيبر، ويجلب من حوله يغزون معه، فقال: لا يخرجن معنا إلا راغب في الجهاد، وشقَّ ذلك على من بقي بـ "المدينة" من اليهود، فخرج، واستخلف على "المدينة" سباع بن عرفطة