جارية، فأمره بالحلف قاصدا بالجارية السفينة، والسهمي يروي عن مالك وغيره بالبواطيل، قاله ابن عدي، ومطرف مضطرب الحديث، والسلمي تكلّموا فيه في نقد ابن أبي حاتم، والكابلي غير مرضيّ عند ابن المنادي، وعبد العزيز انفرد بتضعيفه أبو داود، والخبر على كلّ حال من البلاغات.
[أخذ أبي يوسف المغازي والسير عن محمد بن إسحاق]
من المعروف عند أهل العلم: سعة اطلاع أبي يوسف على المغازي والسير، وقد سبق بيان حفظه لها في كلام هلال بن يحيى البصري، وكان جماعا للعلوم يأبى التقصير في علم من العلوم، وقد لازم أبو يوسف محمد بن إسحاق عند ما قدم "الكوفة" إلى أن استنفد ما عنده من علم المغازي والسير، وانقطع لذلك عن مجلس أبي حنيفة مدّة، بل لم يأب الاستعانة بالواقدي في تعرف المشاهد الأثرية بـ "المدينة المنورة" مساء، ليعرفها الرشيد بعد ذلك نهارا في حدّه معه، وهو سبب انتقال الواقدي إلى "العراق" مغدقا عليه كل خير تقديرا لعلمه الواسع في أنباء الصدر الأول مع أن ابن إسحاق والواقدي كلاهما ممن تكلّموا فيهم، وكان مالك لا يرضى الأول، بل كان يتكلّم فيه (١) بقسوة، وكان ابن إسحاق غير مرضي أيضا عند أبي حنيفة، وقال ابن رجب في "شرح علل الترمذي": تنسب إلى محمد بن إسحاق غير واحدة من البدع، واستقرّ الرأي على أنه يؤخذ عنه المغازي بشروط، ولا تقبل عنعنته لكثرة تدليسه، وأطلت الكلام في الواقدي في مقدمة "طبقات ابن سعد"، ويقال: إن مجافاة مالك لابن إسحاق ناشئة من طعنه في نسب مالك، كما يقال في سعد بن إبراهيم مثل ذلك، ولا أظنّ أن يكون ذلك
(١) كان يتكلم في أناس، وأناس كانوا يتكلمون فيه. راجع: تاريخ الخطيب (١ - ٢٢٣)، وجامع بيان العلم (٢ - ١٦٠) (ز).