ونشأ طالبا للعلوم والمعارف، ومستفيدا من كلّ عالم عارف، وتحرّك في ميدان التحصيل والاستفادة، حتى صار ملازما من المولى محي الدين، المشتهر بعرب زاده في مدرسة السيّدة مهروماه ببلدة "إسكدار" بطريق الإعادة، وتنقّلتْ به الأطوار والأحوال، وتميّز بتعليم الوزير محمود باشا المشتهر يزال.
ودرّس أولا بمدرسة أفضل زاده بثلاثين، ثم مدرسة إبراهيم باشا بأربعين كلتاهما بـ "قسطنطينية"، ثم مدرسة يلدرم خان بمدينة "بروسه" بخمسين، ثم إلى مدرسة السلطان محمد بالمدينة المزبورة.
وقد توفي رحمه الله مدرّسا بها، وهو في عنفوان شبابه، وذلك في شهر رجب سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة.
كان رحمه الله عالما، عارفا، حسن السمت، مرضيّ الطريق، مقبول السيرة، نقيّ السريرة، صاحب ذهن سليم، وطبع مستقيم، مكبّا على الاشتغال، مُعْرِضا عن القيل والقال، جيّد الكتابة، حسن الخطّ، لم يعرفْ السوء عنه قطّ.
وكان المرحوم قادرا على المنثور والمنظوم، عارفا بكلام العرب، متضلّعا من إنحاء الأدب، وقد نظمنا في سلك الإملاء والرقم بعضَ ما قالَه في وصف القلم، شجرة تخرج من "طور سيناء"، أصلها ثابتٌ وفرعها في السماء، إذا أنزلنا عليها الماءَ اهتزّتْ، وكلّما أتتْ بأثمارها تجددتْ، يوسف عانقه إخوته عناقَ الحبّ، وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجبّ، قد قميصُه من غير طغيان سجن، ولي له عدوان تارةً تراه، وهو كباسط كفّيه إلى الماء، ليبلغَ فاه،