على الجمال الحنبلي، والشمس الشمامي، وأجاز له المراغي، وابن ظهيرة، وتقدم على أقرانه، وبرع في العلوم، وتصدّى لنشر العلم، فانتفع به خلق كثير، وكان علامة في الفقه والأصول والنحو والصرف والمعاني والبيان والتصوّف والموسيقي، محقّقا، جدليا، نظّارا، وكان له نصيب وافر مما لأرباب الأحوال من الكشف والكرامات، وكان تجرد أولا بالكلية، فقال له أهل الطريق: ارجع، فإن للناس حاجة بعلمك، وكان يأتيه الوارد، كما يأتي الصوفية، لكنه يقلع عنه بسرعة لأجل مخالطة الناس، أخبرني بعض الصوفية من أصحابه أنه كان عنده في بيته الذي بـ "مصر"، فأتاه الوارد، فقام مسرعا، وأخذ بيدي بجرّني، وهو يعدو في مشيته، وما زلت أجري معه إلى أن وقف على المراكب، فقال: ما لكم واقفين ههنا؟ قالوا: أوقفنا الريح، وما هو باختيارنا، فقال: هو الذي يوقفكم، فقالوا: نعم، ثم أقلع عنه الوارد، فقال لي: لعلي شققت عليك، فقلت: أي والله انقطع قلبي من الجري، فقال: لا تأخذ عليّ، فإني لم أشعر بشئ مما فعلته، وكان يلازم لبس الطيلسان، كما هو سنة الفقهاء، وكان يرخيه كثيرا على وجهه، وكان يخفّف صلاته، كما هو شأن الأبدال، وكان أفتى برهمة من عمره، ثم ترك الإفتاء جملة، وولي من الوطائف تدريس الفقه بالمنصورية والأشرفية والشيخونية، مات يوم الجمعة سابع رمضان، سنة إحدى وستين وثمانمائة. انتهى ملخَّصا.
* * *
٤٥٨٩ - الشيخ الفاضل المولى مُحَمَّد بن عبد الوهَّاب بن