وقال يزيد بن عمير: لما حضر مَعَاذ بن جبل الموت قيل: يا أبا عبد الرحمن أوصنا، قال - أجلسوني -: إن العلم والإيمان مكانهما، من ابتغاهما وجدهما، يقول ثلاث مرات. انتهى.
[الفصل الخامس في الأئمة الذين نشروا الدين والفقه]
والدين والفقه والعلم انتشر في الأمة عن أصحاب ابن مسعود وأصحاب زيد بن ثابت، وأصحاب عبد الله بن عمر، وأصحاب عبد الله بن عباس، فعلم الناس عامته عن أصحاب هولاء الأربعة، فأما أهل "المدينة" فعلمهم عن أصحاب زيد بن ثابت، وعبد الله بن عمر، وأما أهل "مكة" فعلمهم عن أصحاب عبد الله بن عبَّاس، وأما أهل "العِرَاق" فعلمهم عن أصحاب عبد الله بن مسعود.
قال ابن جرير: وقد قيل: إن ابن عمر وجماعة ممن عاش بعده بـ "المدينة" من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كانوا يفتون بمذاهب زيد بن ثابت، وما كانوا أخذوا عنه مما لم يكونوا حفظوا فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا.
وقال ابن وهب: حدثني موسى بن علي اللخمي عن أبيه أن عمر بن الخطَّاب خطب الناس بـ "الجابية"، فقال: من أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت مَعَاذ بن جبل، ومن أرادَ المال فليأتني.
وأما عائشة فكانت مقدمة في العلم والفرائض والأحكام والحلال والحرام، وكان من الآخذين عنها الذين لا يكادون يتجاوزون قولها المتفقهين بها القاسم بن محمد بن أبي بكر ابن أخيها، وعروة بن الزبير ابن أختها أسماء، قال مسروق: لقد رأيت مشيخة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم