قوله عليه السلام:"من أحصاها"، اختلف العُلماء فيه، فقيل: عدّها وحفظها، فتارة بالبحث والتفتيش عنها، فيكون ثوابه على هذا الإحصاء الجنة، وتارة يكون إحصاؤها حفظها، بعد أن وجدها محصاة، قد أحصاها غيره، ويشهد لهذا ما تقدم من قوله: من حفظها.
قال الإقليشي أبو العباس أحمد: ولعله عليه السلام وكل إحصائها في قوله "من أحصاها" وكل العُلماء إلى إحصائها بالبحث والنظر، ثم أشفق على أمته، ويسَّر لهم الأمرَ، فأحصاها لهم، وأخرجَها محصاةً، وقال: من حفظها دخل الجنة.
وقيل: إحصاؤها الفهم لها، والعلم بها.
وقيل: إحصاؤها أن ينزل كل اسم منها منزلته من غير تفريط.
[هل أسماء الله محصورة في التسعة والتسعين]
قال القرطبي: واختلفوا هل أسماء الله عزَّ وجلَّ محصورة في التسعة والتسعين أم لا، فذهب قوم، منهم علي بن حزم إلى أن أسماءه محصورة في التسعة والتسعين، وذهب آخرون، وهم الأكثرون إلى أنه يجوز أن يكون له أسماء زائدة، قالوا: ومعنى ما أخبرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم من التسعة والتسعين إنما هو معنى الشرع لنا في الدعاء بها، كما قال تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}، وغيرها من الأسماء لم يشرع الدعاء بها، وهو الصحيح، لقوله عليه السلام في حديث الشفاعة:"فأحمده بمحامد لا أقدر عليها، إلا أن يلهمنيها الله عَزَّ وَجَلَّ"، رواه مسلم.
وروى أبو بكر، قال: "علَّمني رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء، قال: قل: اللهم إني أسئلك بمحمد نبيك، وبإبراهيم خليلك، وبموسى