الإسلامية في "باكستان"، ويعني بشأن المسلمين في جميع أنحاء الأرض، ويتوجّع بأحوالهم المؤلمة.
فهذا ما صرف فيه الشيخ لياليه وأنهاره، وما اجتهد فيه، حتى في كبر سنّه، بكرة وأصيلا، بحيث تقصر دونه همم الشبّان، حتى توفّاه الله تعالى، لليلة الحادية عشر من شهر شوّال المكرّم سنة ١٣٩٦ هـ، الموافق لشهر أكتوبر من سنة ١٩٧٦ م، وقد دفن في مقبرة دار العلوم كراتشي، وكان يوما مشهودا، شهد جنازته نحو خمسين ألف رجل، رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وتقبل سعيه المشكور وتضحياته الغالية في سبيل إعلاء كلمة الله ونشر رسالة الإسلام.
[ذوقه الرائع بالشعر والأدب]
كان لحضرة الشيخ ذوق لطيف بالشعر والأدب، منذ ميعة صباه، ثم لم يزل إلى رقى وازدهار بما حصل له في دار العلوم من الجوّ العبيق بأزهار الأدب الناضرة، وكان معظم أساتذته ممن وهبه الله تعالى ملكة في هذه الصناعة كسائر العلوم، وأسّس الشيخ الأنور رحمه الله تعالى لجنة أدبية لتربية أذهان الناشئين، وسمّاها نادية الأدب، وكانت هذه النادية تعقد حفلات أدبية أسبوعية أو شهرية، يجتمع فيها الطلاب والأساتذة، ويلقون كلماتهم، وينشدون أشعارهم، وكان فضيلة شيختا المفتي بما وهبه الله تعالى من ذوق فطري من سباق هذه الحلبة ومبرّزي هذا الميدان.
وهكذا ارتقى ذوقه اللطيف، حتى أصبخ يقول شعرا رائعا في اللغة الأردية والفارسية والعربية، وهو وإن لم يكن اختار الشيخ كصناعة وفنّ له فقد اجتمعت عنده مجموعة لطيفة من أشعاره في اللغات الثلاثة، وقد طبع بعض أشعاره الأردية والفارسية في كتابه "ثمرات الأوراق"، وترى فيها ما يلتذّ به الأسماع، ويهتزّ له الذوق السليم.