بيت الله الحرام عام ١٣٣٣ هـ، كما رحل معه للحجّ مرّة أخرى في عام ١٣٤٤ هـ.
وفي تلك المرّة طرأتْ حالة من الاستغراق على الشيخ محمد إلياس أثناء إقامته بـ "المدينة المنوّرة"، وبدأ يرفض العودة إلى "الهند"، فلمّا عرف بذلك الشيخ خليل أحمد قال: اتركوه على حاله، ولا تجبروه، فإنها حالة الاستغراق ومقام الفناء في حبّه، صلى الله عليه وسلم.
وعن هذا يقول الشيخ محمد إلياس نفسه: لقد أمرت بالدعوة أثناء تلك الفترة في "المدينة المنورة".
[اشتغاله بالتدريس]
من المعروف أن تدريس العلوم يحتاج إلى كفاءة عالية وخبرة واسعة، وصبر وجلد، وموهبة من الله سبحانه وتعالى، لأن كثيرا من العلماء يحفظون العلوم، ولا يجيدون أداءها، وتوضيحها للغير، إذ ليس كلّ عالم يصلح أن يكون مدرّسا، لكن الشيخ محمد إلياس كان صاحب شخصية متميّزة في الكثير من الأمور، وخاصّة في مجالا التدريس، وممارسة النشاط العلمي المحض، فاتجه إليه اعتقادا منه، بأن العلم لا يثمر، ولا ينتج إلا بالتفرّغ له، والانصراف إليه، وأن العالم لا يجنى ثمرات العلم إلا إذا وهب نفسه كلية للعلم، لأن العلم يحتاج إلى تأمّل، وعمق في النظر، والاستقراء للعلوم، واستيعابها، وكلّ ذلك لا يتأتى مع اشتغال النفس بغيره.
وقد اشتهر الشيخ محمد إلياس في بداية حياته العلمية بالتدريس، ونال مكانة مرموقة لدى علماء عصره في فنّ التدريس، حيث كان معروفا لدى العلماء بقدرته على التدريس في جميع علوم الصرف، والنحو، والأدب، والبلاغة، والمنطق، والفقه، والتفسير، وعلوم الحديث، وأصوله، وغيرها من العلوم الشرعية المتداولة في ذلك الحين.