هكذا كانت ملازمة بعضهم لبعض، وخدمة بعضهم لبعض أوان الطلب، وبهذا نالوا بركة العلم.
وقد أخرج ابن عدي في "الكامل" بطريق يحيى بن مَعين، عن جرير عن مغيرة، قال: قال حمّاد بن أبي سليمان: لقيت عطاء، وطاوسا، ومجاهدا، فصبيانكم أعلم منهم. بل صبيان صبيانكم أعلم منهم، إنما قال هذا تحديثا بالنعمة، وردّا على بعض شيوخ الرواية، ممن لم يؤت نصيبا بن الفقه، حيث كان يفتي في مسجد "الكوفة" غلطا، يقول: لعلّ هناك صبيانا يخالفوننا في هذه الفتاوى.
وماذا يفيد تقادم السنّ في الرواية لمن حرم الدراية؟ ويريد بالصبيان: الذين لم تتقادم أسنانهم من أهل العلم بـ "الكوفة" كحمّاد وأصحابه، فحمّاد يفوق هؤلاء في الفقه، وكذلك خاصّة أصحابه، وإن كنت في ريب من ذلك، فقارن بين ما توورث من هؤلاء وهؤلاء في الفقه، ثم أحكم بما شئت، وليس الكلام في الرواية المجرّدة.
وقد أخرج ابن عدي في "الكامل" بطريق يحيى بن مَعين عن إدريس عن الشيباني، عن عبد الملك بن إياس الشيباني، أنه قال: قلت لإبراهيم: من نسأل بعدك؟ قال: حمّادا. ا هـ. وحمّاد بن أبي سليمان هذا توفي سنة ١٢٠ هـ.
* * *
١٦٥٨ - الإمام المحدّث الفقيه حماد بن منصور بن الحسن، أبو منصور الضرير، الفقيه