كان لوالد الشيخ المحدّث إسهام خاص في تعليم الشيخ البدائي وتربيته، وتطوّر أفكاره، فقد عني بتربية ابنه منذ صغره، يقول الشيخ المحدّث عبد الحق: نشأت ليلا ونهارا في حضن رحمته، وجوار عنايته.
انظروا إلى الوليد هو في الثالثة أو الرابعة من عمره واعتناء أبيه به، واهتمامه ليل نهار بتربيته في أحضانه، واضطرابه، لنقل أحواله القلبية والفكرية، التي اكتسبها خلال مجاهداته طوال سنين إليه، يريد أن يعرف هذا الطفل بأسرار مسألة وحدة الوجود، وحينما يعجز الولد عن إدراك نكتة يسلّيه أبوه، قائلا: سينكشف الستار إن شاء الله عن وجه المقصود تدريجيا، ويتجلّى جمال اليقين، ويتبعه، قائلا: لكن ينبغى أن تدوم على هذه الفكرة، وتسعى لها ما أمكنك.
التعليم الأوَّلي:
تلقّى الشيخ المحدّث عبد الحق دروسه العلمية الأولية من والده، افتتح ذلك بتعليم القرآن الكريم، في أسلوب بديع، لم ينته الشيخ المحدّث من تعلم قواعد الهجاء، حتى أخذ والده يكنب له سورا من القرآن الكريم، يحفظه إياها، وأمّ قراءة القرآن الكريم خلال شهرين أو ثلاثة، يقول الشيخ المحدّث: علّمني أولا جزأين أو ثلاثة أجزاء، أو أقلّ من القرآن الكريم، من دون تعليم قواعد الهجاء، كما يفعله الأطفال، كان يكتب درسا درسا، فكنت أتابع قراءته، تعلّمت من القرآن الكريم هذا القدر وحده، وبعد ذلك استطعت بفضل تربيته وعطفه أن أقرأ كلّ يوم شيئا من القرآن الكريم، وكلّ ما قرأته عرضته عليه، فختمت القرآن في شهرين أو ثلاثة، ثم اتّجه إلى تعلّم الكتابة، وتمكّن منها خلال شهر. يقول الشيخ: وخلال وقت قليل لا أكذب إذا حددته بشهر نشأت في مهارة الكتابة وسليقة الإنشاء. إن تعلّم القراءة