حسب صلاحيته واستعداده، وقد ذكر الشيخ المحدّث تأثير نظرة والده في "أخبار الأخيار"، وقال: وقد وقع منه هذا المعنى غير مرة.
وكان في نظرة واحدة يطلع على استعدادات من لقيه من الناس، وكان يقول: قد صارت نفسي من أجل صفاء صحبة الفقراء وطول ملازمتهم أني أعرف حقيقة أحوال المرء … إن لقيت أحدا في الليل المظلم أرجو أن أستكشف حاله.
[مولد الشيخ المحدث وبداية طلبه]
ولد في المحرّم سنة ٩٥٨ هـ في "دهلي" في عهد الملك إسلام شاه السوري، وكانت الحركة المهدوية قد بلغت ذروتها، وكان العلماء قد بالغوا في تكفير المهدويين وتضليلهم، كان مؤسّس الطائفة المهدوية السيّد محمد الجونفوري قد أكثر أعداؤه ومعارضوه الكتابة عنه، وحاولوا إبطال معتقداته، لكن كما قال مولانا أبو الكلام آزاد: كان السيّد محمد نفسه والطبقة الأولى من أتباعه رجالا صالحين أتقياء، فإن مثل هذه الأمور تبدأ على نمط، ثم تختلف في الأخير … هذا ما حدث لهذه الجماعة، حتى غاب صدقها الأساسي في غلوّ أخلافها ومحدثاتهم.
كانت الحركة المهدوية في الواقع حركة إحياء الشريعة والقيام بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وكان السيّد محمد الجونفوري وأصحابه يشكون شكوى كبيرة من حبّ الدنيا، الذي وقع فيه علماء السوء والبدع، والمنكرات، التي أحدثها الجهلة من الصوفية، وكانوا يريدون أن يطهّروا المجتمع الإسلامي من هذه العناصر الفاسدة، ويقيموا أحكام الشرع فيه، فلمّا بدؤوا نضالهم ثارت موجة من المعاداة والمعارضة من قبل علماء ومشايخ الهوى والدنيا، ولا مجال هنا لسرد تاريخ هذه الحركة، وينبغي الرجوع إلى مصادر أخرى للتفصيل.