ثلاثون رجلا، فبعثَ عليهم عبد الله بن رواحة، فقدموا على أسير فقالوا: نحن آمنون حتى نعرض عليك ما جئنا له، قال: نعم، ولي منكم مثل ذلك، وقالوا: نعم، فقلنا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا إليك لتخرج إليه، فيستعملك على "خيبر"، ويحسن إليك، فطمع في ذلك، فخرج، وخرج معه ثلاثون رجلا من اليهود مع كل رجل رديف من المسلمين، حتى إذا كنا بقرقرة ثبار ندم أسير، فقال عبد الله بن أنيس، وكان في السرية وأهوى بيده إلى سيفي، ففطنت له، ودفعت بعيري، وقلتُ: غدرا، أي عدوّا الله، فعل ذلك مرتين، فنزلتْ، فسقت بالقوم، حتى انفردَ لي أسير، فضربتُه بالسيف، فأندرت عامة، فخذه وساقه وسقط عن بعيره، وبيده مخرش من شوحط، فضربني، فشجّني مأمومة، وملنا على أصحابه، فقتلناهم كلهم غير رجل واحد، أعجزنا شدا، ولم يصب من المسلمين أحد. ثم أقبلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحدثناه الحديث، فقال: قد نجاكم الله من القوم الظالمين.
[٤٧ - سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين]
ثم سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين في شوَّال سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: قدم نفر من عرينة ثمانية على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلموا، واستوبأوا "المدينة"، فأمرَ بهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى لقاحه، وكانتْ ترعى بـ "ذي الجدر" ناحية "قباء" قريبا من عير على ستة أميال من "المدينة"، فكانوا فيها حتى صحوا، وسمنوا، فغدوا على اللقاح، فاستاقوها، فيدركهم يسار مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه نفر، فقاتلهم، فقطعوا يده، ورجله، وغرزوا الشوك في لسانه وعينيه، حتى مات، وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر، فبعثَ في أثرهم عشرين فارسا، واستعملَ عليهم كرزَ بنَ جابر الفهري، فأدركوهم، فأحاطوا بهم، وأسروهم، وربطوهم، وأردفوهم على الخيل، حتى قدموا بهم "المدينة".