عند ذاك من أصحابه، فيكون هو مثير أغلب تلك الاحتمالات، فمعظم تلك المسائل الخلافيات من تذكير الإمام لأصحابه، فلا يكون مانع من إطلاق المذهب الحنفي على مسائل أبي يوسف ومحمد أيضا بملاحظة حال معظمها، كما في الحديث الشريف (الحج عرفة).
وقد أخرج ابن أبي العوام أيضا عن محمد بن أحمد بن حماد، عن ابن شُجَاع، عن الحسن بن أبي مالك، أنه سمع أبا يوسف يقول: كان أبو حنيفة إذا وردت عليه المسألة، قال ما عندكم فيها من الآثار؟ فاذا روينا الآثار، وذكرنا، وذكره هو ما عنده نظر، فإن كانت الآثار في أحد القولين أكثر أخذ بالأكثر، فإذا تقاربت وتكافأت نظر، فاختار. اهـ.
وهو الذي كان يقول لأصحابه: لا يحلّ لأحد أن يقول بقولي ما لم يعلم من أين قلت. اهـ. وهذه الطريقة هي التي ملأت الآفاق فقها وغوصا، ولم تكن صدور الفقهاء من غير هؤلاء تتسع للإخذ والردّ المتواصلين في المسائل هكذا، بل كان أغلبهم يكتفون بإملاء ما عندهم بدون مناقشة في الغالب، مقتصرين في الإجابة على النوازل والوقائع، إلا أن الشافعي كان ارتوى من المعينين: الحجازية والعراقية، فكان يتلقّى الأخذ والردّ بصدر رحب، فملأ العالم بالمسائل التقديرية، وخدم نضوج الفقه، كافا الله الجميع على جميلهم في خدمة الفقه، ورضي عنهم أجمعين، ولكل وجهة.
[بعض أنباء أبي يوسف مع الخلفاء]
لما اتصل أبو يوسف برجال الخليفة لأول مرة رغب يحيى بن خالد في معرفة ما لأبي يوسف من الإلمام بسير الملوك الماضية وأنباء الأمم الخالية وإيام