رأى ذات يوم في اليقظة أن نقطة من النور حاذت بين عينيه، ثم دخلت في قلبه، فوجد بردا وسكينة في قلبه، وألقي في روعه أنه سيدخل في دين الإسلام، فرغب إليه، وكان يطالع ما وقع بيده من الكتب بالهندي.
رأى كتاب "تحفة الهند" للشيخ عبيد اللَّه، الذي أسلم من البراهمة سنة ١٣٠١ هـ، فداوم على مطالعته، حتى فهمه، وحفظه، فوفّقة اللَّه للإذعان بعقائد الإسلام، وشرع في تعلّم الشرائع من الطهارة والصلاة والصوم سرا، وقرأ كتاب "تقوية الإيمان" للشيخ الجليل محمد إسماعيل الشهيد، و"كتاب أحوال الآخرة" للشيخ محمد بن بارك اللَّه اللاهوري، كان يصلي منفردا في الخلوات والظلمات، ويجد لذة المناجاة ما وجد مثلها بعده إلا قليلا، وصام أياما في رمضان سنة ١٣٠٤ هـ، ثم ترك مخافة الاشتهار، وغلب عليه حبّ إظهار الإسلام بعد ذلك، لكن ما كان يعرف طريق الفرار، فالتزم دعاء يونس عليه السلام:{لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}، فسهّل اللَّه له الأسباب في ذي القعدة سنة ١٣٠٤ هـ، فخرج من بلاده مختفيا، وأعلن إسلامه في "السند"(١)، وهو في السادسة عشرة من عمره، وسمى نفسه بعبيد
(١) "السند" بكسر السين المهملة، وسكون النون، آخرها دال مهملة: بلاد بين "الهند"، و"كرمان" و"سجستان"، وهو أول بلاد، وطئها المسلمون، وملكوها، والعرب كانوا يسمّون إقليم الذهب، وهو إقليم حار، وفيه مواضع معتدلة الهواء، والبحر يمتدّ مع أكثره، وبه أنهار عديدة، وفيه نخيل ونارجيل، وموز، وبعض العقاقير النافعة، وفي بعض المواضع منه الليمون الحامض، والأنبج، في بعضها الأرز الحسن، وفيه البختى، وهو نوع من الإبل، له سنامان، مليح، وأشهر أنهاره "نهر السند"، ويسمّونه "مهران"، وفيه تفيض الأنهار الخمسة المشهورة ببلاد "بنجاب"، و"نهر كابل" فيصب في البحر عند "ديبل".