وأسوق هنا نماذج أربعة من فوائد هذا الإمام في الكتاب المذكور:"شرح القواعد الفقيهة"، لينجلي للقارئ رسوخه في الفقه وسعة اطلاعه فيه، وعلوّ كعبه في الكشف عن علل المسائل، وبعد نظره في ذلك:
١ - حكم غلاء الفلوس والأوراق النقدية أو رخصها
هل يعتبر في أداء الديون والقروض أم لا:
قال الشيخ رحمه الله تعالى في شرح القاعدة الثامنة عشرة "لا ضررَ ولا ضرارَ" ما نصّه: ومن المسائل التي تتفرّع على هذه القاعدة: ما لو كانت الفلوس النافقة ثمنا في البيع، أو كانت قرضا، فغلت أو رخُصت بعد عقد البيع أو بعد دفع مبلغ القرض، فعند أبي يوسف: تجب عليه قيمتُها يوم عقد البيع ويوم دفع مبلغ القرض، "رد المختار" من أوائل كتاب البيوع، عند قول المتن: وصحّ بثمن حال ومؤجّل إلى معلوم، وبخلاف جنسه).
ونقل هناك ترجيحَه عن الكثيرين، فقد أوجبوا قيمةَ الفلوس النافقة يوم البيع، وقيمتها يوم دفع القرض، في صورة ما إذا غلت، دفعا للضرر عن المشتري والمستقرض، وأوجبوا قيمتها كذلك في صورة ما إذا كسدت، أو رخُصت، دفعا للضرر عن البائع والمقرض.
هذا، والذي يظهَرُ أن الورق النقديّ المسمّى الآن بالورق السوري الرائج في بلادنا الآن، ونظيره الرائج في البلاد الأخرى، هو معتبر من الفلوس النافقة، وما قيل فيها من الأحكام السابقة يقال فيه، لأن الفلوس النافقة هي ما كان متفقا من غير النقدين -الذهب والفضّة- وجرى الاصطلاح على استعماله استعمالَ النقدين، والورق المذكور من هذا القبيل، ومن يدّعي تخصيص الفلوس النافقة بالمتخذ من المعادن فعليه البيان.