للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الإمام الحافظ المحدّث البارع ترجمان العرب، ولسان أهل الأدب، أثير الدين محمد بن يوسف أبو حيَّان الأندلسي الغَرْناطِي الظاهري، في تفسيره المعروف بـ "البحر المحيط" (١)، ما نصه:

"وقال الثوري، وأبو حنيفة، ويحيى بن آدم: غلب حمزة الناس على القرآن والفرائض". انتهى.

وعلى كلِّ حالٍ فإمامنا الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان رضي الله عنه من كبار أئمة الجرح والتعديل في عصره، ممن إذا قال قُبِل قوله، وإذا جرّح أو عدَّل سُمِع منه، وكان متثبتا، لا يكاد يَرْوِي إلا عن ثقة، كشعبة، ومالك، رحمهما الله تعالى، وهو أول من انتقى الرجالَ من الأئمة، وأعرض عمن ليس بثقة، ولم يكن يروي إلا ما صحّ، ولا يُحَدّث إلا ما يَحْفظُ، وتبعه مالك.

ولقد قال ملِكُ المحدثين إمام الجرح والتعديل يحيى بن مَعين - كما في "البداية والنهاية" للحافظ ابن كثير - (٢): "العُلماء أربعة: الثوري، وأبو حنيفة، ومالك، والأوزاعي".

فهؤلاء القُرناءُ في العلم، وأبو حنيفة ومالك يفوقان على الثوري والأوزاعي في نقد الرجال، وهما الحافظان الحُجّتان، فمن احتجّ به أبو حنيفة في "كتاب الآثار" أو مالك في "الموطّأ" فهو المقبول، ومن اختلفا فيه - وذلك قليل جدًّا - كزيد بن عيَّاش اجتُهِد في أمره.

أبو حنيفة على شَرطِ أصحِّ الأسانيد

ويدل على جلالة شأن أبي حنيفة في علم الحديث، وضبطه، وإتقانه، وصحة روايته، وعُلُوِّ مكانته، أنه لما قال البخاري: أصحُّ الأسانيد كلّها


(١) ٣: ١٥٩ الطبعة الثانية ببيروت سنة ١٤٠٣.
(٢) ١١٦:١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>