مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، وبنى على ذلك الإمام أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي أن أجلَّ الأسانيد: الشافعيُّ، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، اعترض عليه الشيخ الإمام العلامة الحافظ علاء الدين مُغْلطاي:"بأن أبا حنيفة يَرْوي عن مالك أحاديث فيما ذكره الدَّارقُطْنِي". انتهى.
وأجاب عنه البُلْقِيْني في "محاسن الاصطلاح" بقوله: "فأمَّا أبو حنيفة فهو وإن رَوَى عن مالك كما ذكره الدَّارقُطْنِي، لكن لم تشتهرْ روايتُه عنه، كاشتهار رواية الشافعي". انتهى.
وقال العراقي: رواية أبي حنيفة عن مالك فيما ذكره الدَّارقُطْنِي في "غرائبه"، وفي "المَدبَّج"، ليستْ من روايته عن نافع، عن ابن عمر، والمسئلة مفروضة في ذلك، نعم ذكر الخطيب حديثًا كذلك في الرِّواية عن مالك.
وقال شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى:"أما اعتراضه بأبي حنيفة فلا يَحْسُنُ، لأن أبا حنيفة لم تثبت روايتُه عن مالك، وإنما أوردها الدَّارقُطْنِي، ثم الخطيب لروايتين وقعتا لهما عنه، بإسنادين فيهما مقال، وأيضًا فإن رواية أبي حنيفة عن مالك، إنما هي فيما ذكره في المذاكرة، ولم يَقْصِد الرِّواية عنه، كالشافعي الذي لازمه مدة طويلة، وقرأ عليه "الموطّأ" بنفسه". انتهى. نقله السيوطي في "تدريب الراوي شرح تقريب النواوي"(١).
فانظر - يا رعاك الله - هؤلاء الحُفّاظ الأئمة الأعلام، لما ذكر الحافظ المغلْطاي الإمام أبا حنيفة في سلسلة أصحّ الأسانيد عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر: لا يَرْمُون أبا حنيفة بسوء الحفظ والضعف في الرِّواية، ولا يُنكرون جلالته في الحديث، ولا إتقانَه في الرِّواية، وإنما يُنْكرون على مُغْلُطاي