[الفصل التاسع في وصية الإمام الأعظم رحمه الله تعالى]
وللإمام الأعظم رضي الله تعالى عنه وصية مشهورة، أوصى به أصحابه، تشتمل على كثير من أصول الدين، نقلَها كثير من المؤرخين، يتعين إيرادها هنا، لما اشتملت عليه من صحيح الاعتقاد، ودفع الانتقاد، ورد كلام الحُسَّاد، وهي هذه: قال، رضى الله تعالى عنه: اعلموا يا أصحابي وإخواني، أن مذهب أهل السنَّة والجماعة على اثنتى عشرة خصلة، فمن كان يستقيم على هذه الخصال لا يكون مبتدعًا، ولا صاحب هوى، فعليكم بهذه الخصال، حتى تكونوا في شفاعة سيّدنا محمد، عليه الصلاة والسلام:
الأولى: الإيمان، وهو إقرار باللسان، وتصديق بالجنان.
والاقرار وحدَه لا يكون إيمانًا؛ لأنها لو كان إيمانًا لكان المنافقون كلهم مؤمنين.
وكذلك المعرفة وحدَها لا تكون إيمانًا، لأنها لو كانت إيمانًا لكان أهل الكتاب كلهم مؤمنين.
قال الله تعالى في حق المنافقين:{وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}.
وقال في حق أهل الكتاب:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ}.
والإيمان لا يزيد ولا ينقص، لأنه لا يتصوّر نقصان الإيمان إلا بزيادة الكفر، ولا يتصوّر زيادته إلا بنقصان الكفر، كيف يجوز أن يكون الشخص الواحد في حالة واحدة مؤمنًا وكافرًا.
والمؤمن مؤمن حقًا، والكافر كافر حقًا.
وليس في الإيمان شكٌ، كما أنه ليس في الكفر شكٌ، قال الله تعالى:{أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا}، و {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا}.