انقطع أبي يوسف عن مجلس أبي حنيفة مدّة على ظنّ استغنائه عنه في العلم:
ذكر الزين بن نجيم في "الأشباه والنظائر" في فن الحكايات أنه لما جلس أبو يوسف للتدريس من غير إعلام أبي حنيفة أرسل إليه أبو حنيفة رجلا، فسأله عن خمس مسائل، ومثله عند الصيمري، والخطيب، وغيرهما.
الأولى: قصّار جحد الثوب، وجاء به مقصورا، هل يستحقّ الأجر أم لا، فأجاب أبو يوسف يستحقّ الأجر، فقال له الرجل: أخطأت، فقال: لا يستحقّ، فقال: أخطأت، ثم قال له الرجل: إن كانت القصارة قبل الحجود استحقّ، وإلا لا.
والثانية: هل الدخول في الصلاة بالفرض أم بالسنَّة؟ قال: بالفرض، فقال: أخطأت، وقال: بالسنَّة، فقال: أخطأت، فتحير أبو يوسف، فقال الرجل: بهما جميعا، لأن التكبيرة فرض، ورفع اليدين سنَّة.
والثالثة: طير سقط في قدر على النار، فيه لحم مرق، هل يؤكل أم لا؟ قال: يؤكل، فخطَّأه، فقال: لا يؤكل، فخطَّأه، ثم قال: إن كان اللحم مطبوخا قبل سقوط الطير يغسل ثلاثا، ويؤكل، وترمى المرقة، ولا يرمى الكلّ.
والرابعة: مسلم له زوجة ذمية ماتت، وهى حامل منه، ففي أيّ المقابر تدفن؟ فقال أبو يوسف: في مقابر المسلمين، فخطَّأه، فقال: في مقابر أهل الذمة، فخطَّأه، فتحيّر، فقال: تدفن في مقابر اليهود، ولكِن يحوَّل وجهها عن القبلة، حتى يكون وجه الولد إلى القبلة، لأن الولد في البطن يكون وجهه إلى ظهر أمّه.
الخامسة: أمّ ولد لرجل تزوّجت بغير أذن مولاها، فمات المولى هل تجب العدّة من المولى؟ فقال: تجب، فخطَّأه، فقال: لا تجب، فخطَّأه، ثم قال