يظهر من الحكم، قال أمير المؤمنين: ما صنعت في الأمر الذي تتنازع إليك فيه، قال خصم أمير المؤمنين يسألني أن أحلف أمير المؤمنين أن شهوده شهدوا على حق، فقال موسى: وترى ذاك؟ قال: قد كان ابن أبي ليلى يراه، قال: قال: فاردد البستان عليه، وإنما احتال عليه أبو يوسف.
وأخرجه الخطيب أيضا بطريق وكيع القاضي، وهذه غير قصّة الرشيد، وتوسّع الصيمري في قصّة الرشيد، وقال في آخرها: وقد أدبر الشيخ يقول: استفه كشربة سويق، وتريد وجه أمير المؤمنين، حين حلف، وأطرق بفكر، فقلت: هلكت، وهلك الرجل، فقال يحيى بن خالد: يا يعقوب! رأيت مثل أمير المؤمنين في عدله وإنصافه لرجل من رعيته أنصف من نفسه، حتى فعل ما رأيت فسرى عن أمير المؤمنين، وفرح بذلك، وقال سبحان الله! ولا بدَّ من الإنصاف. وقال يحيى بن خالد: لو جاءت هذه من الفاروق لكانت حسنة أو كما قال، ثم ذكر اغتمام أبي يوسف من عدم تسويته بين الخصمين في المجلس.
ولأبي يوسف أخبار كثيرة في أنه لم يكن يحابي أحدا في القضاء، بل كان يساوي في الحكم بين الراعي والرعية، والغني والفقير، والملوك والصعاليك، وهذا مما رفع شأنه وشأن القضاء في الإسلام.
وقال الذهبي في "جزئه": ولقاضي القضاة أبي يوسف -رحمه الله ورضى عنه- أخبار في السؤدد والكرم والمروءة والجاء العريض والحرمة التامة في العلم والفضل، وأخبار في الحطّ عليه بعضها ليس بصحيح، أوردها العقيلي وابن ثابت. اهـ. وقد تحدّثت عنهما في موضعه، فلا أعيد الكلام عنها هنا.