وعن الحسن بن أبي مالك، سمعت أبا يوسف في مرضه الذي مات فيه، يقول: والله ما زنيت قط، ووالله ما جرت في حكم قط، وما أخاف على نفسي إلا من شيء كان مني، فقلت له: ما هو، قال: كان هارون الرشيد يأمرني أن آخذ فصص الناس، فأقرأها، ثم أوقع لهم فيها بمحضره، فكنت آخذها قبل ذلك بيوم، فاتصفّحها، فجمعتها مرة، فتصفّحتها، فإذا فيها قصّة لنصراني يتظلّم من هارون أمير المؤمنين في ضيعة في يده، يزعم أنه غصبه إياها،. فدعوته، فقلت: هذه الضيعة في يد من هي؟ قال: في يد أمير المؤمنين، فأردت تقريب الأمر عليه، فقلت له: من يبيع ثمارها؟ قال: أمير المؤمنين، قلت: فمن يجمع غلاتها؟ قال: أمير المؤمنين، وجعلت كلّما أردت منه أن يذكر خصما غير أمير المؤمنين، ردّ الخصومة فيها إلى أمير المؤمنين، فجعلت قصّتها مع قصص الناس، فلما كان يوم المجلس جعلت أدعو بالناس رجلا رجلا، حتى وقعت قصة النصراني بيدي، فدعوته، فدخل، فقرأت قصته على أمير المؤمنين، فقال: هذه الضيعة لنا، ورثناها عن المنصور، فقلت للنصراني: قد سمعت الذي قال: أفلك بينة على ما تدّعي؟ قال: لا، ولكن خذ لي بيمينه، قال: فقلت لهارون: أتحلف يا أمير المؤمنين، قال: نعم، فحلف، فانصرف النصراني، قال أبو يوسف: فما أخاف على نفسي إلا من هذا، قال الحسن: فقلت: وأيّ خوف في هذا، وقد فعلت الذي فعلت، قال: من تركي أن أقعده معه في مجلس الخصم، وأسانيد ذلك كلّه في كتاب ابن أبي العوام.
وقال وكيع القاضي في "أخبار القضاة": أخبرني إبراهيم بن أبي عثمان عن يحيى بن عبد الصمد، خوصيم موسى أمير المؤمنين إلى أبي يوسف في بستانه، فكان الحكم في الظاهر لأمير المؤمنين، وكان الأمر على خلاف ما