مضاربة بالنصف، فاشترى المضارب بها ثوبا، ودفعها، وقبض الثوب ثم كسدت، فالمضاربة جائزة على حالها، (واحترز بقوله:"ثم كسدت" عما إذا كسدت قبل الشراء، فقد قدّم في "المبسوط" من الباب المذكور أنها لو كسدت قبل الشراء، فسدت المضاربة.
فإذا باع الثوب بدراهم أو عرض فهو على المضاربة، فإن ربح، وأرادوا القسمة أخذ ربّ المال قيمة فلوسه يوم كسدت، لأنه لا بدّ من رد رأس المال إليه، ورأس المال كان فلوسا رائجة، وهي للحال كاسدة، فقد تعذّر ردّ مثل رأس المال، وقد تحقّق هذا التعذّر يوم الكساد فتعتبر قيمتها في ذلك الوقت. انتهى ملخّصا. وقد نقله في متفرّقات المضاربة في "الفتاوى الهندية" بأخصر من هذا.
فقد اعتبر قيمة الفلوس يوم الكساد، ولم يعتبر قيمتها يوم العقد، ولا يوم الدفع، كما في البيع والقرض، وقول "المبسوط": "فقد تعذّر ردّ مثل رأس المال" يفيد أنه لو أمكن ردّ مثله بأن بقيت الفلوس رائجة يردّ مثلها فقط من غير نظر إلى غلاء أو رخص.
وقد صارت هذه القضية حادثة الفتوى، وسئلتُ عنها، فأفتيتُ فيها بذلك، مستندا إلى النقلين المذكورين، وعلمتُ أن غيري ممن سئلوا أفتوا بردّ قيمتها يوم العقد في المضاربة، بغير تفرقة بين المضمونات والأمانات، بينما النقل هو ما ذكرته، والله المرشد للصواب.