وانتفع الناس بدرسه، وفتاواه، وحجّ مرارا، أولها سنة إحدى وثمانمائة، وباشر قضاء الحنفية سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، عوضا عن العيني بمهابة وعفة، وكان أماما علامة جبلا في استحضار مذهبه، قوى الحفظ، سريع الإدراك، شديد الرغبة في المباحثة في العلم والمذاكرة به، ذا عناية تامة بالتفسير، لا سيّما معاني التنزيل، ويحفظ من متون الأحاديث ما يفوق الوصف، غير ملتزم الصحيح من ذلك، وقد اشتهر ذكره، وبعد صيته، حتى أن شاه رخ بن تيمور ملك الشرق سأل رسول الظاهر حقمق عنه في جماعة، وقرأت عليه أشياء، وكتبت من فوائده ونظمه، ولم يشتغل بالتصنيف، مع كثرة اطلاعه، ولذلك كانت مؤلّفاته قليلة، فمما عرفته منها:"شرح العقائد النسفية"، قد قرأه عليه الزين قاسم الحنفي، و "الكواكب النيرات في وصول ثواب الطاعات إلى الأموات"، اقتفى فيه أثر السروجي مع زيادات، و "الأسهام المارقة في كبد الزنادقة"، وفتوى في الحبس بالتهمة، وجزء آخر في أنه هل تنام الملائكة أم لا، وهل منع الشعر مخصوص بالنبي صلى الله عليه وسلم أم عام لجميع الأنبياء، وشرع في تكملة "شرح الهداية" للسروجي من أول الأيمان، فبلغ إلى أثناء باب المرتد، من كتاب السير في ستّ مجلدات، وله منظومة طويلة، سماها بـ "النعمانية"، فيها فوائد كثيرة بديعة، ومات تاسع ربيع الآخر سنة سبع وستين وثانمائة بـ "مصر"، ولم يخلف بعده مثله، انتهى. انظر: الفوائد البهية ص ٧٩، ٨٠.