أما التَّأليف؛ فهو موطن الجمال والجلال والجاذبية في حياته العلمية، وهو الموطن الذي جمع بين جدِّيَّة الفقيه القاضي المتبصِّر، وحكمة الدَّاعية المخلص الخبير بمواطن الدَّعوة وأساليبها، والتَّحليل الموضوعي للصَّحفى الخبير النَّاقد النَّاصح لدينه وأمته، كلُّ هذا بالإضافة إلى جمال الذَّوق الأدبي الذي يأخذ بمجامع القلوب ويعطِّر العقول والأرواح.
وقد بدأ الشَّيخ التَّاليف وهو في مَيْعة الشَّباب، مذ كان طالبًا في المدرسة، ورزقه الله نفَسًا طويلًا في هذا المجال، وزاده الله في ذلك على مرِّ الأيام.
[جهوده في موافقة القوانين للإسلام في باكستان]
أدَّت جماعة العلماء المخلصين في "باكستان" جهودًا مشكورةً في إرشاد الحكومات إلى وضع قوانين توافق الشَّريعة الإسلامية، وللشيخ القاضي محمَّد تقيّ حظٌّ وافرٌ في هذه الجهود، مع أنَّه لم يكن منتميًا إلى أيِّ حزبٍ سياسيٍّ، فوفَّقه الله إلى أن يقوم بجهودٍ واسعة التأثير والمدى، بعيدًا عن ضوضاء السِّياسة وهتافاتها. وأبرز المجالات التي عمل فيها هي:
١ - الدَّعوة المخلصة الحكيمة إلى الجهات المعنيَّة بتدوين القوانين، وتوجيه دعوات ملحَّة إلى المجالس الدستورية لوضع المبادئ الدستورية والقانونية وَفق الشَّريعة الإسلامية، وقد رسم خطوطًا عريضةً للدستور مقتبسةً من كتاب الله تعالى في خمسَ عشرةَ نكنةً، وكانت هذه بمنزلة المصدر الأساسى لتحديد أهداف الدُّستور، وتوجيهه الوجهةَ الصَّحيحة عند وضع موادّه وبنوده المفصَّلة، ثم تابع كلَّ مرحلةٍ مرَّت بها مسودةُ الدُّستور الجديد، واقفًا عند كلّ منها وقفة متأملٍ خبير، ليجرِّد قلمه ناقدًا إن رأى العملية الدُّستورية قد حادت عن جادَتها.