ومن ها هنا قال الترمذي: إن من يحمل الحديث ولا يعرف فيه التأويل، كالصيدلاني.
وعن ابن المبارك، أنه قال: ليكن الذي تعتمد عليه الأثر، وخذ من الرأى ما يفسر لك الحديث.
ولله درّ بعضهم حيث يقول:
إن الرُواةَ على جَهْلٍ بما حَملُوا … مثلُ الجِمَال عليها يُحْمَل الوَدَعُ
لا الوَدْعُ يَنفْعهُ حَمْلُ الجمالِ له … ولا الجمالُ بِحَمْل الوَدْع تنتفعُ
وقال ابن أبي ليلى: لا يفقه الرجل في الحديث حتى يأخذ منه ويَدَع.
[من التشنيعات على المذهب الحنفي]
ومن التشنيعات أيضًا، قولهم: إن مذهب أبي حنيفة في موضوعه مُخالف لما عليه أساس الإمارة والأمامة، ولا يوافق في كثير من فروعه للأمراء والأئمة.
والجواب عن ذلك هو المنع، بل مذهبه أوفق للإمامة والإمارة، والأصلح للولاة والأئمة.
والدليل على ذلك، ما ذكرناه سابقًا (١) من الجواب عنه لأبي جعفر المنصور في مسئلة الاستثناء المنفصل، وخلافه فيه لابن عبَّاس؛ فإنه أوفق للإمامه والإمارة، بخلاف مذهب غيره.
وكان بعض السلف يقول: لا يزال الإسلام مُشيَّد الأركان ما بقى له ثلاثة أشياء:
الكعبة، والدولة العبَّاسية، والفتيا على مذهب أبي حنيفة، فلولا الموافقة بين الدولة العباسية ومذهب أبي حنيفة ما قرن بينها.