لم يرو عن الشافعى رحمه الله تعالى ثناء في حق أحد من الأئمة قدر ما روى عنه من الثناء على محمد بن الحسن، ونذكر في هذا المقام كلمات منه.
ذكر السمعاني عن البويطي عن الشافعي أنه قال: أعانني الله برجلين: بابن عيينة في الحديث، وبمحمد في الفقه.
وروى الذهبي في "جزءه" عن إدريس بن يوسف القراطيسى، أنه سمع الشافعي يقول: ما رأيت أعلم بكتاب الله من محمد بن الحسن، كأنه عليه نزل.
وذلك يدلّ على أن الشافعي كان عظيم الإجلال لمحمد بن الحسن، كبير الأدب معه. خلاف مناظرات خيالية ملفقة مستولدة، لا ترد إلا مجرّدة عن الأسانيد بالمرة، أو بأسانيد مركّبة، يذكره الخطيب في "تاريخه" بغير طريقة سؤال التلميذ من أستاذه فيما يستشكله، كيف وقد روى ابن أبي حاتم عن محمد بن الحسن، فلزمته، كتبت عنه، وعرفت أقاويله، وكان إذا قام ناظرت أصحابه، فقال لي: بلغني أنك تناظر أصحابي، فناظرني في الشاهد واليمين، فامتنعت، فألح على، فتكلمت معه، فرفع هو ذلك إلى الرشيد، فأعجبه، ووصلني.
وبهذا يظهر كيف كان محمد بن الحسن يدربه على المناظرة، كيف كان يلفت نظر أمير المؤمنين إليه، كما يظهر بذلك أيضا مبلغ أدب الشافعى مع محمد بن الحسن، يأبى الكلام معه كمناظر، خلاف ما في تلك المناظرات المختلفة، التي لا تجري بين الأستاذ وتلميذه. فملفق هذه المناظرات أساء إلى الشافعي، وهو يريد الإحسان إليه، وهكذا يكون صداقة الجاهل (١).