طالَعَ من الفقه وما يتعلّق به تصانيف الإمام محمد بن الحسن الشيباني من كتب ظواهر الرواية، و"الموطأ"، و "كتاب الآثار"، و"كتاب الحجة" له، بضبط وإتقان وغاية فكر وإمعان، ثم شرح الإمام شمس الأئمة السرخسي:"المبسوط"، وهو شرح لكتب ظاهر الرواية، التي جمعَها الحاكم الصدر الشهيد في كتابه "الكافي".
وطالَعَ "شرح السير الكبير" له -للسرخسي- ثم ما تيسّر له من تصانيف الإمام الطحاوي من "شرح معاني الآثار"، و "مشكل الآثار"، و"المختصر" له في الفقه، وقد قال فيما أحفظ والله أعلم: إني طالعتُ "مختصر الطحاوي" نحو عشرين مرّة، ومع ذلك لم يشتف صدري في مواضع كثيرة، فهكذا طالَعَ من كتب الفقه هذه الكتب المطبوعة بـ "مصر" و"الهند" المتداولة بين أيدينا اليوم، ثم من الكتب الخطّية ما تيسّر له، حتى سمعتُ عنه نفسه رحمه الله: أفتيتُ بـ "كشمير" للمفتين والعلماء في الفتاوى المشكلة، وفي التي تكون آراؤهم فيها مختلفة ثلاث سنين كاملة، ولم أفتقرْ لمراجعة كتاب في تلك البرهة.
ثم لم يكتف في الفقه بمطالعة الفقه الحنفي، بل طالَعَ من كبار كتب الفقه المالكي والشافعي والحنبلي ما يقضى العجب، ويورث الحيرة، وكانتْ أكثرها غير مطبوعة عند ذلك، فهذا كتاب "بدائع الصنائع" لأبي بكر الكاساني، و "البحر الرائق" لابن نُجيم و"النهر الفائق" لأخيه، و"رد المحتار" للشامي، و "كتاب الأم" للإمام الشافعي، وغيرها من مبسوطات الفقه كلّها كانتْ بمرأى عينيه، طالعها وأمثالها سطرا سطرا حرفا حرفا، وكان يثني كثيرا على كتاب "الأم" وعلى ذكاوة أي ذكاء الإمام الشافعي، حتى قد يقول: